مستوى الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين السوريين بالأردن
في ضوء بعض المتغيرات
أحمد رشيد زيادة1 محمد علي المومني 1 عادل مصطفى المومني2
1 جامعة إربد الأهلية || إربد || المملكة الاردنية الهاشمية
2 مؤسسة المستقبل الزاهر للصحة النفسية || المملكة الاردنية الهاشمية
الملخص: هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على مدى انتشار الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين السورين بالأردن في ضوء بعض المتغيرات، مثل الجنس، والعمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى التعليمي، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وتكونت عينة الدراسة من (374) لاجئ ولاجئة، ولتحقيق أهداف الدراسة تم استخدام مقياس الأفكار الانتحارية بعد التحقق من دلالات صدقهما وثباتهما، وباستخدام الرزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS)، أظهرت النتائج أن مستوى الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين السوريين في الأردن حصل على متوسط (1.87) بتقدير (متوسط)، وكذلك أشارت النتائج إلى فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى الأفكار الانتحارية تعزى لأثر الحالة الاجتماعية، ولصالح فئة(أعزب) وعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى الأفكار الانتحارية تعزى لأثر الجنس، العمر، المستوى التعليمي.
الكلمات المفتاحية: الأفكار الانتحارية، اللاجئين السوريين، الأردن
-
المقدّمة:
تعد ظاهرة الانتحار مشكلة من المشاكل الاجتماعية التي تلازم المجتمعات البشرية، والتي تعد من أكبر المشاكل المهددة لتماسك المجتمع لأنها تؤدي إلى فقدان أحد أفراده، كما أنها تعد مؤشراً على تفكك المجتمع- بشكل عام واللاجئين بشكل خاص- باعتبارها فشلاً فردياً وجماعياً في التكيف مع الضوابط الاجتماعية، وانفصال الفرد عن جماعته، وعدم تقبله للنظام الاجتماعي. ويعاني اللاجئون من مشكلات نفسية واجتماعية متعددة، والتي بدورها ستؤثر على سير حياتهم بشكل سلبي، وتتمثل المشكلات النفسية في الحزن والأسى، والخسارة بأشكالها المختلفة، كالممتلكات الخاصة بما فيها المنزل والدخل، والتي تعد مفاجأة رهيبة للأفراد- لا سيما الفقراء منهم- بالإضافة إلى أن مشاهدة الأحداث المروعة أو المرور بها أدى إلى حدوث الإصابات والأمراض التي قد يكون لها أثر على الصحة النفسية.
حيث تشير بعض الإحصائيات أن هناك أكثر من (16) مليون فرد يعيشون كلاجئين في العالم، وتذكر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن أكثر من (12) مليون مراهق يعيشون كلاجئين نتيجة لاضطرارهم لترك بلدهم الأصلي (ضمرة ونصار، 2014). ويعاني المراهقون معاناة بالغة من الناحية الجسدية والنفسية، كما أن تعرضهم لتجربة الصراع والدمار والعنف بصورة مباشرة؛ قد يقود إلى استمرار آثار تلك التجارب المروعة لفترات طويلة، كما تقود الضغوط الناجمة عن اللجوء والتغيرات التي تطرأ على نمط الحياة بسببه إلى شعور المراهقين بالانسحاب والعزلة عن المجتمع الجديد (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 2013). وأدت تلك النزاعات السورية لفرضِ هجرة قسرية لأكثر مِنْ أربعة ملايين فرداً، وأجبر(1.5) مليون آخرين على اللجوءِ في البلدان المجاورةِ، وابتداءً مِنْ شهر آذار 2013، أصبحت الأردن تستضيف أكثر من (470) ألف لاجئٍ سوري، وقد زادَ هذا العدد تصاعدياً ليصل العدد إلى ما يقارب من (1.40) مليون فرد، معظمهم من الأطفالِ والنساء (UNHCR, 2015).
ويعتبر الانتحار مشكلة اجتماعية بارزة خاصة بين الشباب، حيث بينت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مديرية الأمن العام في الأردن، ازدياد حالات الانتحار رغم تفاوتها من فترة إلى أخرى، مما يشير إلى تأثر حالات الانتحار بالظروف الصحية، والاقتصادية، والاجتماعية (العقيلي، 2001). ففي عام 2009 بلغ عدد المنتحرين في الأردن 65 شخصاً، في حين تم تسجيل 40 حالة في العام 2008، وفي عام 2007 وصلت هذه الحالات إلى 34 حالة، كما ارتفعت أعداد المحاولين للانتحار من 150 إلى 400 شخص تقريبا (الصفدي، 2010). وارتفعت حالات الانتحار في الآونة الأخيرة في المملكة بشكل ملحوظ، وسجلت منذ مطلع العام 2017 نحو 28 حالة انتحار، على الرغم أنه لم يمضي من السنة سوى شهرين، وبلغ عدد المنتحرين في الأردن في العام 2016، 117 شخصاً، حيث بلغت نسبتهم من الذكور 78% والوسيلة الأكثر استخداماً كانت الشنق، ووقعت 35 حالة انتحار في العاصمة عمان، والتي تشكل ما نسبته 30% من حالات الانتحار في الأردن (المحضي، 2017).
ويعرف الانتحار بأنه مصدر للفعل انتحر، وهو إصابة الإنسان نفسه بقصد إفنائها، ويقال الانتحار، هو القضاء على النفس بأي وسيلة أو طريقة كان. ويقال: انتحر الرجل أي نحر نفسه (ابن منظور، 1994). بينما يعرف حلوان (2008) الأفكار الانتحارية بأنها مجموعة أفكار تجعل من الانتحار الوسيلة الوحيدة للخروج من الأوضاع الصعبة وغير المحتملة، أو للتخلص من عذاب نفسي وجسدي أو للهروب من أزمة وضيق شديدين. كما يعرف الباحثان الانتحار بأنه محاولة الفرد التخلص من نفسه بفعل أو مجموعة أفعال، وقد تم ذلك وانتهت حياته.
كما يُعد الانتحار مشكلة نفسية كونها تؤكد حدوث خلل على مستوى توافق الفرد وهشاشة الشخصية التي لا تستطيع مواصلة التعامل مع المشاكل الصعبة والضاغطة؛ كالقلق الشديد على سبيل المثال أو الصدمات النفسية المختلفة، فالشخصية المقدِمة على الانتحار تدل على أنها شخصية منسحبة وتعاني من اضطراب شديد على مستوى الصحة النفسية، ومن ناحية أخرى فهي مشكلة اجتماعية من حيث كثرة انتشارها لدى جميع الأوساط والفئات العمرية؛ كما أنها تدلل على وجود خلل في العلاقات الاجتماعية، كما وتعد مشكلة بيولوجية لما يرتبط بتغيرات وتبدلات بالبنية العضوية للفرد (حميمي، 2012). إن هناك فرقاً بين الأزمات النفسية الاجتماعية التي تؤدي إلى التفكير بالانتحار كحل للهروب من هذه الأزمات، وبين الاضطرابات النفسية المؤدية للانتحار وفي مقدمتها الاكتئاب (الشربيني، 2001)،
العوامل المسببة للانتحار:
هناك عوامل كثيرة قد تكون مسؤولة عن محاولة الانتحار منها ما هو نفسي أو اجتماعي أو اقتصادي، وهي كما يلي:
- الشعور القهري بالعزلة والاغتراب: حيث يشعر بعض الأفراد بالعزلة الاجتماعية والشعور بالغربة عن المجتمع، مما يجعله غير متكيف اجتماعياً مع أفراد مجتمعه، فتساوره رغبة قهرية في التخلص من هذا الشعور المؤلم.
- المشاكل الأسرية: إن عدم وجود جو ديمقراطي في الأسرة، ووجود علاقات تقوم على التنافس والصراع وعدم الشعور بالأمن والسعادة مع كثرة المشاكل كلها أمور تدفع بالفرد للتخلص من هذا الواقع على طريق الانتحار (العزة، 2004). فالاضطرابات الأسرية والصراعات ووجود التوتر العنف داخل الأسرة يؤدي إلى التفكير في السلوك الانتحاري (لمين، 2010).
- الأسباب الاقتصادية: إن الفقر والبؤس وعدم قدرة الفرد على تلبية حاجاته البيولوجية المتعلقة في المأكل والملبس والمأوى، فتدفع الفرد للتخلص من هذه الأوضاع المعيشية البائسة عن طريق الانتحار (العزة، 2004).
- الأمراض النفسية والعقلية: يعتبر الاكتئاب وانفصام الشخصية، والأمراض العصبية كالوسواس القهري، والأمراض الجسمية المزمنة كالشلل والأمراض المعدية وغيرها من الأمراض المختلفة التي تثير الأحاسيس بالرغبة في مفارقة الحياة وارتكاب المحاولات الانتحارية (العيسوي، 2000).
وتتضمن عوامل الخطورة في الانتحار وجود مرض طبي أو نفسي، وانخفاض في تقدير الذات، وضعف في الكفاية البدنية، ووجود إعاقات جسمية أو حسية، والمرور بأحداث حياتية سلبية (الزراد، 2016).
فالأفكار الانتحارية والسلوك الانتحاري ناتج عن إرادة فردية في التخلص من ظروف غير محتملة، أو نتيجة اتفاق جماعي، وينظر إلى السلوك الانتحاري بوصفه نمطاً سلوكياً مرتبطاً بأنماط سلوكية أخرى، وأنه متكون من عدة استجابات ناشئة عن عملية التفاعل الاجتماعي، لذلك فإن الأفراد الذين يفكرون في الانتحار، ليسوا جماعات غريبة لظاهرة منعزلة، ولكنهم أطراف في المجتمع ولهم خبراتهم التي أدركوها في إطار معين أو تصورها بطريقة خاصة.
ولا يعد الانتحار من وجهة نظر التحليل النفسي وليد اللحظة، وإنما هو موجود في اللاوعي، ويطفو فوق السطح عندما يختل التوازن بين غريزتي الحياة، والموت ليكون بعد ذلك هو الخيار الوحيد الذي يراه الفرد، في تلك اللحظة هو الخيار المناسب، وأنه أفضل الحلول لديه (العبيدي، 2004). ويجب على أي فرد أن يكون على بينه فيما يميز بين الانتحار، وبين أنواع السلوك المدمرة الأخرى، فيدرس الانتحار منفرداً عن أشكال التضحية المختلفة، وأنواع التدمير الذاتي الأخرى المعروفة في أديان الجماعات البدائية وأعراقها (فايد، 1998).
ولهذا تعددت التفسيرات والنظريات التي حاولت تفسير الأفكار الانتحارية والسلوك الانتحاري، ويمكننا تسليط الضوء على بعض هذه التفسيرات المختلفة للأفكار الانتحارية والسلوك الانتحاري ومنها، الجوانب البيولوجية، والجوانب النفسية، والجوانب الاجتماعية.
التفسيرات البيولوجية للانتحار:
- الوراثة (Genetics):
من المعروف إكلينيكياً أن هناك عائلات كثيرة تزداد فيها نسبة الانتحار، ومن خلال دراسة التوائم المتماثلة وجد أنه يوجد 9 حالات فقط انتحر فيها التوأمان من بين 51 حالة، أي بنسبة تقارب 20% في حين أن التوائم غير المتماثلة لم يحدث أي اتفاق مسبق على الانتحار بين التوأمين، وهذا يدل على احتمالية تأثير الوراثة الجينية ولكن بشكل جزئي وغير حتمي، وهذا يحتاج إلى عوامل أخرى تؤكده، وقد وجد أن نسب الانتحار لدى الدرجة الأولى من أقارب المرضى النفسيين يزيد عن 8 مرات عن معدل الانتحار بين سائر الناس، ويمكن أن تكون الجينات الخاصة بالانتحار جينات منفصلة تقود إلى نوع من السلوك المتهور والاندفاعي، وذلك من خلال وجود اضطراب في معدل مستويات مادة السيروتونين في المخ أو تكون هي نفس جينات الاضطرابات النفسية كالإدمان، والاكتئاب، والفصام، والقلق وغيرها (Brems, 2000).
- الكيمياء العصبية (Neurochemical):
تبين من خلال الدراسات التي أجريت على مرضى الاكتئاب الذي يفكرون أو يحاولون الانتحار أن مستوى السيروتونين لديهم منخفض، حيث يتم رصد هذا الانخفاض بقياس مادة هيدروكسي تربتامين أسيد (Hydroexytreptamine-5HT) في السائل النخاعي، وقد وجدت علاقة ارتباط بين انخفاض السيروتونين والسلوكيات العدوانية والاندفاعية، ووجد ارتفاع في مستوى الكورتيزول في البول لدى بعض الحالات، وعدم استجابة الغدة الدرقية للتأثير المحفز لهرمون TSH (الأعظمي، 2009).
- الاضطرابات العضوية (Organic Disorders):
إن وجود خلل عضوي ما عند الشخص قد يؤثر على الحالة المزاجية له، مثل: اضطرابات الغدد الصماء، فقدان الشهية العصبي، اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل قرحة المعدة، وتليف الكبد، السرطان، أمراض الجهاز العصبي: مثل الصرع، وإصابات الرأس، والعته، والإيدز (Brems, 2000).
- الأدوية (Medicine):
يوجد العديد من الأدوية والتي لها تأثير على الفرد وقد تؤدي إلى حالات اكتئاب مصحوبة برغبة في الانتحار، على الرغم من أنه لا توجد في حياتهم العامة أو الخاصة ما يبرر هذا الاكتئاب وما يصاحبه من أفكار انتحارية، وللأسف فإن هذه الأدوية كثيرة التداول، ومع ذلك لا ينتبه الكثير من الناس لتأثيرها، ونذكر منها أدوية الضغط، وأدوية القلب، وأدوية علاج السرطان وغيرها (الطراونة، 2010).
التفسيرات النفسية للأفكار الانتحارية:
- الاتجاه التحليلي:
يرى المحللون النفسيون أن الانتحار ظاهرة نفسية داخلية، كونها تعود إلى خلل العلاقة البين شخصية (Interpersonal)، وقد اعتبر فرويد الانتحار ظاهرة نفسية داخلية، وأعطى تفسيرات للسلوك الانتحاري على أساس ما يكمن في التكوين النفسي، ويتضمن كل من غريزة الحياة، وغريزة الموت، حيث إن الأولى تعد على أنها كل فعل خلاق ومصدر للسلوك البناء، والأعمال الإيجابية للاستمرار بالحياة، بينما غريزة الموت تعد على أنها تمثل كل فعل تدميري، أو سلوك عدواني، وقد اعتقد فرويد بغلبة غريزة الموت في النهاية، لذلك فهو يرى أن الانتحار غالبا ما يكون حصيلة منطقية للمرض (فايد، 2001).
وتعتبر هذه التفسيرات أن الانتحار يعود إلى الإرهاق الناتج عن ضيق مجال الشعور، مع فقدان القدرة على التكيف، وفقدان التوازن بين رغبة الحياة والموت، والاكتئاب الذي له دور أساسي في قيام الفرد بالانتحار، وأكد الباحثون والعاملين في مجال الصحة النفسية أن هناك علاقة ارتباطية بين الصحة النفسية والسلوك الانتحاري، حيث تبين أن هناك ارتفاعاً في معدلات الانتحار لدى نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية (الزراد، 2012).
- تفسير الانتحار كاضطراب في العلاقة البينشخصية المتبادلة (interpersonal disorder):
إن أفكار الشخص المقبل على الانتحار لديه مشاكل تتعلق ببناء أو البقاء على علاقة شخصية متبادلة، حيث يجد نفسه بشكل متكرر في مواقف شخصية متبادلة غير محتملة، وقد يكون النمو الإيجابي في تلك الفترة المضطربة هو الخيار الوحيد المتبقي للاستمرار في الحياة، ولكن هذا النمو كان يرى باعتباره لم يحدث، فتحبط الحاجات النفسية للفرد، ويبدأ بالتفكير بالانتحار بسبب إحباط الحاجات النفسية على نحو شخصي متبادل (الخالدي، 2008).
التفسيرات الاجتماعية للانتحار:
إن اعتبار ظاهرة الانتحار على أنها ظاهرة نفسية بحتة، يجعل المشكلة ضمن قالب أحادي البعد، ويضع الفرد في حدود مغلقة عن بقية المؤثرات والمثيرات الاجتماعية التي تحيط به، والتي لها تأثير مهم والتي قد تدفع الفرد إلى الانتحار، وعلى هذا الأساس قام علماء الاجتماع بتقديم تفسيرات اجتماعية لظاهرة الانتحار.
ومن الدراسات الأكثر شيوعاً حول ظاهرة الانتحار- من المنظور الاجتماعي- هي دراسة إميل دوركهايم في كتابه عن الانتحار عام (1897) والذي ينظر فيه إلى الانتحار من جانب اجتماعي بحت، حيث إن الإنسان ينتحر أو يعيش وفقاً لموقفه من الجماعات التي يعيش فيها، فهو يقدم على الانتحار عندما تتدنى ارتباطاته الاجتماعية، لذا فإن الانتحار أكثر بين المطلقين الذين ليس لديهم أطفال، فالشخص الذي يصبح وحيداً لا يستمد دوافع لوجوده من خلال علاقات تربطه بالآخرين (حمودة، 1999).
ويرى الباحثان أن الانتحار له دوافع وأسباب كثيرة، منها ضعف الوازع الديني لدى الفرد، والإدمان على المخدرات والكحول، وتدني تقدير الذات، والحالة الاقتصادية الشحيحة.
الدراسات السابقة:
أجرى أو وآخرون (Ao et al., 2016) دراسة هدفت لتحديد العوامل المرتبطة بالتفكير الانتحاري بين اللاجئين البوتانيين في أمريكا، وتكونت عينة الدراسة من (579) لاجئاً. أظهرت النتائج أن الاكتئاب ساهم بنسبة (21%)، والقلق بنسبة (19%)، واضطراب الإجهاد الصادر عن الصدمة بنسبة (4.5%)، والتفكير الانتحاري بنسبة (3%) في انتشار الأمراض النفسية. وأن الأسرة وانخفاض الدعم الاجتماعي والقلق والاكتئاب من العوامل المساعدة للتفكير الانتحاري.
أما دراسة اكينيمي وأتيلولا وسويانو (Akinyemi, Atilola & Soyannwo, 2015) فقد هدفت لتقييم مدى انتشار الأفكار الانتحارية بين اللاجئين الأفارقة في أورو-إيجييو بنيجيريا، وتكونت عينة الدراسة من (444) لاجئاً و(527) غير لاجئ. أظهرت النتائج أن انتشار التفكير الانتحاري كان أعلى بكثير بين اللاجئين مقارنة بغير اللاجئين (27.3% مقابل 17.3%)، وكان الوضع الاجتماعي ونوعية الحياة أكثر فقراً بين اللاجئين، وكانت نوعية الحياة هي العامل الوحيد المرتبط بشكل مستقل بالأفكار الانتحارية بين اللاجئين.
وفي دراسة الشماط (2013) التي هدفت إلى التعرف على مستوى الأفكار الانتحارية وانتشارها لدى طلبة المرحلة الثانوية في مدينة دمشق، وتكونت عينة الدراسة من (915) طالباً وطالبة. أظهرت النتائج وجود مستويات منخفضة من الأفكار الانتحارية، وعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى الأفكار الانتحارية تعزى للجنس، بينما كانت هناك فروق دالة إحصائياً في مستوى الأفكار الانتحارية وفقاً لمتغير الصف.
وهدفت دراسة حسني (2013) إلى معرفة الفروق في الإساءة والأفكار الانتحارية بين الذكور والإناث بمصر، وتكونت عينة الدراسة من (370) مراهقاً ومراهقة. وكشف نتائجها عن وجود علاقة ارتباطية موجبة بين درجات المراهقين على أبعاد الإساءة ودرجاتهم على قياس الأفكار الانتحارية، أن الإساءة النفسية من جانب الأم والتقييم السلبي للذات ونقص الكفاءة تنبئ بالأفكار الانتحارية.
وقام طاهر (2010) بدراسة هدفت لقياس الأفكار الانتحارية لدى طلبة المرحلة الإعدادية، والتعرف على الفروق في الأفكار الانتحارية وفقاً لمتغير الجنس في بغداد، وتكونت عينة الدراسة من (400) طالباً وطالبة، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن طلبة المرحلة الإعدادية لديهم أفكار انتحارية، وأظهرت أيضاً بأنه لا توجد فروق دالة إحصائياً وفق متغير الجنس (ذكر، أنثى) في التفكير الانتحاري.
وتناولت دراسة بيراود وآخرون (Perroud et al., 2009) تحري المسار والعوامل المنبئة بظهور الأفكار الانتحارية أو ازدياده، وتكونت عينة الدراسة من (811) مريضاً بالاكتئاب بلندن أظهرت النتائج أن شدة الاكتئاب من العوامل المنبئة بظهور الأفكار الانتحارية.
أما دراسة الحميري (2008) والتي هدفت إلى التعرف على نسبة انتشار الأفكار الانتحارية لدى طلبة الثانوية والجامعة بمدينة ذمار، وطبيعة الفروق بين أفراد العينة تبعاً للجنس والمرحلة الدراسية، وتكونت عينة الدراسة من (2800) طالباً وطالبة، وقد أظهرت النتائج أن طلبة الثانوية، والجامعية، لديهم أفكار انتحارية، وأنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية حسب الجنس (ذكر، أنثى) وحسب المرحلة التعليمية (مدرسة، جامعة).
وقام ليو (Liu, 2004) دراسة هدفت إلى التعرف على أسباب زيادة نسبة الانتحار والسلوك الانتحاري لدى المراهقين بمقاطعة شاندونغ، وتكونت عينة الدراسة من (1362) مراهقاً ومراهقة تراوحت أعمارهم بين (6-14) سنة. أفادت النتائج أن (19.3%) من العينة، لديها أفكار انتحارية، و(10.5%) من العينة لديها محاولات للانتحار.
وتناولت دراسة ستاك (Stack, 2002) فحص العلاقة بين المهنة والانتحار لدى (32) مجموعة وظيفية مختلفة في انجلترا. وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن معدلات الانتحار تزداد عند فئات معينة من المهن وهي أطباء الأسنان، الفنانين، النجارين، مشغلو الآلات، بينما انخفضت النسبة لدى فئات وظيفية أخرى مثل موظفي الحسابات، مدرسو الصفوف الأولى، الطهاة.
وفي دراسة أوكوينو وآخرون (Oquendo et al., 2001) التي هدفت لمقارنة معدلات الانتحار الناجم عن الاكتئاب في أمريكا في ضوء بعض المتغيرات، وتكونت عينة الدراسة من عدد(6979) ممن تراوحت أعمارهم ما بين (20-74) عاماً. أظهرت النتائج أن معدلات الانتحار لدى الذكور أعلى منها لدى الإناث.
كما أجرى ديكسون (Dixon, 1992) دراسة هدفت إلى التعرف على مصادر الضغوط التي تؤدي إلى السلوك الانتحاري في أمريكا، وتكونت عينة الدراسة من (143) طالباً وطالبة جامعياً تراوحـت أعمارهـم بين (18-19) سنة. وأظهرت النتائج أن هذه الأحداث قد أثرت تأثيراً كبيراً على الأفراد من حيث تصور الانتحار بعد عزل أحداث الحياة السلبية.
وفي دراسة ريتش وكيركباتريك-سميث وبونر وجانس (Rich, Kirkpatrick-Smith, Bonner, & Jans 1992) التي تناولت الفروق بين الجنسين في المتغيرات النفسية الاجتماعية المرتبطة بالأفكار الانتحار بأمريكا، وقد تكونت عينة الدراسة من (613) طالباً وطالبة تراوحت أعمارهم بين (14-19) سنة. وقد توصلت نتائج الدراسة إلى أن الإناث أكثر من الذكور في تصور للانتحار والاكتئاب، بينمـا لـم تـكن هنـاك فـروق جوهريـة بين الجنسـين فـي اليأس.
وما تتميز به الدراسة الحالية عن سابقاتها بأنها تهتم بالأفكار الانتحارية لدى اللاجئين كمجال حيوي للدراسات في علم النفس الإكلينيكي ولم تتطرق إليه الدراسات السابقة خاصة في الأردن ، كما تتناول الدراسة الحالية ظاهرة الانتحار التي تشهد تزايداً مضطرداً في عدد الحالات لتصبح بهذا ظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة والبحث الدقيق. وتتميز الدراسة الحالية- أيضاً- في عدة نواحي، أهمها الهدف، والأدوات، والعينة.
مشكلة الدراسة وأسئلتها:
تعتبر ظاهرة الانتحار من الظواهر التي زادت في الآونة الأخير بمجتمعاتنا بشكل عام، حيث يعيش اللاجئون ظروفاً نفسية، واجتماعية، وسياسية صعبة، إذ يضطر للجوء إلى مناطق أخرى، مما يزيد من تأثير الضغوطات عليهم، ويتعرضون إلى صدمات انفعالية تؤثر على كيانهم وشخصياتهم، حيث إن معايشة ظروف الحرب من الأمور التي تؤثر عليهم سلبا، وعند نفاذ الصبر لديهم فالعديد منهم يُفكر بكيفية الهروب من تلك المشكلات التي يعيشها، ومن بين تلك الحلول مجموعة من الأفكار السلبية التي تُدعم الميول لتنفيذ الأفكار الانتحارية؛ بل وازداد الأمر سوءاً عندما أصبح الاعتقاد بأنه الحل الأمثل لهؤلاء اللاجئين، وتُرجم هذا الحل لفعل على أرض الواقع، ولم يظهر الأدب أو الدراسات السابقة تناول الأفكار الانتحارية لدى اللاجئين السوريين في الأردن بشكل خاص، ومن هنا جاء الاهتمام بهذه الشريحة المهمشة والهامة في المجتمع العربي في ظل هذه الظروف القاسية. لذا تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على مستوى الأفكار الانتحارية لدى اللاجئين السوريين بالأردن في ضوء بعض المتغيرات. حيث جاءت المشكلة للإجابة عن الأسئلة التالية :
- ما مدى انتشار الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين في الأردن؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة(α=0.05)؛ في الأفكار الانتحارية تبعاً لمتغيرات، الجنس، العمر، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي؟.
أهداف الدراسة: ا
تهدف الدراسة الحالية بشكل أساسي إلى:
- التعرف على مدى انتشار الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين السوريين بالأردن.
- التعرف على الفروق في مستوى الأفكار الانتحارية في ضوء متغيرات الجنس، العمر، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي.
أهمية الدراسة:
تتجلى أهمية هذه الدراسة من الناحية النظرية في:
- أنها ستلقي الضوء على أحد الاضطرابات النفسية واسعة الانتشار في الآونة الأخيرة، وهي الأفكار الانتحارية وخصوصاً لدى عينة من اللاجئين.
- تبرز أهمية الدراسة من طبيعة الفئة المستهدفة بالدراسة، خاصة وأن الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع عند فئة اللاجئين قليلة العدد.
- يؤمل أن تشكل هذه الدراسة مساعدة للمهتمين والباحثين بالاضطرابات النفسية بشكل عام والأفكار الانتحارية بشكل خاص.
أما الجانب التطبيقي فإنه سيترتب على نتائج هذه الدراسة:
- فوائد عملية في الميدان النفسي، لا سيما في حقل الاضطرابات النفسية، فيتوقع من الدراسة الحالية الكشف عن الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين.
- تفتح الباب أمام بحوث مستقبلية تهتم باضطرابات النوم والأفكار الانتحارية لدى اللاجئين، ومن ثم بناء الخطط والبرامج العلاجية للتعامل مع هذه الاضطرابات.
حدود الدراسة:
يتحدد نطاق تطبيق الدراسة الحالية على ما يلي:
– حدود العيّنة: أقتصرت هذه الدّراسة على عيّنة من اللاجئين السورين المقيمين في مدن وقرى شمال الأردن والبالغ عددهم (374) لاجئاً.
– حدود المكان: يتم إجراء الدراسة الحالية في مدن وقرى شمال الأردن هي (المفرق، إربد، جرش، عجلون).
– حدود الزمان: الوقت الذي تم فيه جمع بيانات العينة، حيث تم تطبيق الدراسة بين الفترة الواقعة بين شهر 1 – 3 من عام 2017م.
– حدود موضوعية: تتحدد نتائج الدراسة بأدوات الدراسة التي تم استخدامها في هذه الدراسة، وهي مقياس الأفكار الانتحارية، وما يتمتع به من دلالات صدق وثبات، لذلك تتحدد إمكانية تعميم نتائج الدراسة على المجتمعات المماثلة لمجتمع الدراسة فقط، وبمدى تمثيل العينة لمجتمعها.
التعريفات الإجرائية:
الأفكار الانتحارية:
لغوياً: هو إضرار بالذات أو جلب الكارثة عليها، أو الفعل المقصود لقتل النفس أو زهق الرُّوح عن سابق تصميم (عمر، 2008).
اصطلاحاً: “هو كل فعل أو مجموعة من الأفعال التي يقوم بها الفرد بهدف إيذاء نفسه أو قتلها” (فايد، 2004: 36)،
إجرائياً: هي الدرجة التي يحصل عليها المفحوص على مقياس الميول الانتحارية للبحيري (2013).
اللاجئين السوريين:
لغوياً: هاربٌ من بَلَدِه إلى بلدٍ آخر فرارًا من اضطهاد سياسيّ أو ظلم أو حرب أو مجاعة (عمر، 2008).
اصطلاحاً: “بأنهم الأفراد الذين يوجدون خـارج بلد جنسـيتهم بسـبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد على أسـاس عرقه أو دينه أو جنسـيته أو انتمائه إلى فئـة اجتماعيـة أو رأي سـياسي (منظمة العفو الدولية، 2014: 21)،
إجرائياً بأنهم الأفراد الذين قدموا إلى الأردن من سوريا بسبب الحرب والفقر وعدم الأمان.
-
منهجية وإجراءات الدراسة:
منهج الدراسة:
اتعبت الدراسة الحالية المنهج الوصفي التحليل، إذ بحثت مستوى الأفكار الانتحارية لدى اللاجئين السوريين في ضوء بعض المتغيرات.
مجتمع الدراسة:
تكوّن مجتمع الدّراسة من (232000) لاجئ سوري من المقيمين في مدن وقرى شمال الأردن من كلا الجنسين خلال عام 2017 (الذهبي، 2015)، وجدول (1) يبين توزيع أفراد الدراسة حسب المحافظة التي يقطن بها اللاجئ:
جدول (1): توزيع مجتمع الدراسة حسب المحافظة التي يسكنها اللاجئ
المحافظة | عدد اللاجئين | النسبة المئوية |
اربد | 144000 | 62 % |
المفرق | 77000 | 33 % |
عجلون وجرش | 11000 | 5 % |
المجموع | 232000 | 100 % |
عينة الدراسة:
بلغ عدد أفراد الدّراسة (374) لاجئاً ولاجئةً سوريين، اختيروا بطريقة العينة المتيسرة من السوريين المقيمين في مدن وقرى شمال الأردن خلال عام 2017. تم اختيارهم بالطريقة المتيسرة، وجدول (2) يبين توزيع أفراد الدراسة في ضوء متغيرات الدراسة.
جدول (2): توزيع أفراد عينة الدراسة حسب متغيرات الدراسة
المتغيرات | المستويات | التكرار | النسبة المئوية |
الجنس |
ذكر | 176 | 47.1% |
أنثى | 198 | 52.9% | |
الكلي | 374 | 100% | |
العمر |
من 15 سنة إلى 25 | 193 | 51.6% |
من 26سنة إلى 45 | 136 | 36.4% | |
46 فما فوق | 45 | 12% | |
الكلي | 374 | 100% | |
الحالة الاجتماعية |
أعزب | 94 | 25.1% |
متزوج | 192 | 51.3% | |
مطلق | 26 | 7% | |
أرمل | 62 | 16.6% | |
الكلي | 374 | 100% | |
المستوى التعليمي |
أقل من ثانوية | 226 | 60.4% |
ثانوية | 88 | 23.5% | |
بكالوريوس | 52 | 13.9% | |
ماجستير فأعلى | 8 | 2.2% | |
الكلي | 374 | 100% |
أدوات الدراسة
مقياس الأفكار الانتحارية:
لغايات تحقيق أهداف الدراسة، قام الباحثان باستخدام مقياس الأفكار الانتحارية المُعد من قبل البحيري (2013) وتم إعداده ليتناسب مع البيئة الأردنية، حيث يتكون المقياس من (36) فقرة.
صدق المقياس:
تم التحقق من دلالات الصدق الظاهري لمقياس الأفكار الانتحارية بعرضه بصورته الأولية على عدد (9) من المحكمين من ذوي الخبرة والاختصاص في مجالات علم النفس والإرشاد النفسي، وعلم النفس الإكلينيكي في جامعة عمان الأهلية، وذلك بهدف الوقوف على دلالات صدق المحتوى للأداة لتتناسب مع أهداف الدراسة وبيئتها الجديدة، وتم التحكيم وفق المعايير الآتية: سلامة الصياغة اللغوية، انتماء الفقرة للمقياس، ومدى وضوح المعنى من الناحية اللغوية، وأخذ الباحثان بالتعديلات المقترحة التي وافق عليها (80%) من المحكمين، وتم إخراج الأداة بصورتها النهائية كما في جدول (3).
جدول (3): الفقرات التي أشار المحكمون بضرورة تعديلها على مقياس الأفكار الانتحارية
الرقم | الفقرة قبل التعديل | الرقم | الفقرة بعد التعديل |
1. | عندما أكون غاضباً فإنني أقذف كل شيء من حولي. | 1. | عندما أكون غاضباً غضباً شديداً فإنني أقذف بالأشياء بعيداً عني. |
6. | أشعر بأن علي عمل الكثير من الأشياء | 6. | أشعر بأن هناك الكثير من الأشياء الهامة يمكنني عملها. |
10. | أشعر بأن الآخرين يحترمونني حق احترام. | 10. | إن الناس يقدروني حق تقدير. |
15. | أشعر بأنني لا أقوم بعمل الأشياء بدرجة متقنة. | 15. | أشعر بعدم القدرة على أداء العديد من الأشياء بصورة متقنة. |
21. | أشعر بأن علي أن لا أعيش في هذا العالم. | 21. | أشعر أن هذا العالم لا يستحق أن أعيش فيه. |
صدق البناء
قام الباحثان باستخراج صدق البناء للمقياس بتطبيقه على عينة استطلاعية مكونة من (38) لاجئ ولاجئه من خارج عينة الدراسة، ومن ثم حسبت قيم معاملات الارتباط المصحح للفقرات مع المقياس، كما هو مبين في جدول (4).
جدول (4) :قيم معاملات الارتباط (المصحح) لفقرات مقياس الأفكار الانتحارية
رقم الفقرة | معامل الارتباط | رقم الفقرة | معامل الارتباط | رقم الفقرة | معامل الارتباط |
1 | 0.46 | 13 | 0.65 | 25 | 0.83 |
2 | 0.57 | 14 | 0.43 | 26 | 0.52 |
3 | 0.54 | 15 | 0.48 | 27 | 0.59 |
4 | 0.44 | 16 | 0.73 | 28 | 0.65 |
5 | 0.52 | 17 | 0.54 | 29 | 0.66 |
6 | 0.48 | 18 | 0.54 | 30 | 0.68 |
7 | 0.37 | 19 | 0.75 | 31 | 0.42 |
8 | 0.67 | 20 | 0.52 | 32 | 0.63 |
9 | 0.74 | 21 | 0.58 | 33 | 0.55 |
10 | 0.81 | 22 | 0.49 | 34 | 0.54 |
11 | 0.55 | 23 | 0.80 | 35 | 0.71 |
12 | 0.62 | 24 | 0.69 | 36 | 0.67 |
يلاحظ من البيانات الواردة في جدول (4) أن قيم معاملات ارتباط لفقرات المقياس تراوحت بين (0.37 – 0.83). وقد اعتمد الباحثان معياراً لقبول الفقرة بأن لا يقل معامل ارتباطها بالبُعد والقائمة ككل عن (0.30).
ثبات المقياس:
قام الباحثان في الدراسة الحالية بالتحقق من ثبات المقياس بطريقتين: الأولى من خلال تطبيقه على عينة استطلاعية بلغت (38) لاجئاً ولاجئة، وتم حساب معامل الاتساق الداخلي كرونباخ ألفا للأبعاد، حيث بلغت (0.81)، والطريقة الثانية ثبات الاستقرار بتطبيقه على نفس العينة الاستطلاعية، وتم إعادة تطبيقه بعد أسبوعين من التطبيق الأول، حيث بلغت (0.84). ويرى الباحثان أن هذه القيم مناسبة لاستخدام القائمة لأغراض الدراسة الحالية.
متغيرات الدراسة:
– المتغيرات المستقلة: الجنس وله فئتان (ذكر، أنثى)، العمر وله ثلاث فئات (15-25 سنة، 26-45 سنة، 46 سنة فما فوق)، الحالة الاجتماعية ولها أربع فئات (أعزب، متزوج، مطلق، أرمل)، المستوى التعليمي وله أربع فئات (أقل من ثانوية، ثانوية، بكالوريوس، ماجستير فأعلى).
– المتغيرات التابعة: مستوى الأفكار الانتحارية
تصحيح المقياس:
يتكون المقياس من (36) فقرة، وتتم الاستجابة على فقرات المقياس وفقاً تدرج ليكرت الثلاثي (3= غالباً، 2= أحياناً، 1= أبداً)، فكان عدد الفقرات السلبية (9) فقرة وهذه الفقرات هي (2، 6، 10، 14، 18، 19، 22، 25، 26)، وعدد الفقرات الإيجابية (27) فقرات هي (1، 3، 4، 5، 7، 8، 9، 11، 12، 13، 15، 16، 17، 20، 21، 23، 24، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 35، 36). حيث تتراوح الدرجة الكلية للمقياس ما بين (36-108)، وتم الاعتماد على المعيار التالي لتفسير البيانات وهو قيمة اعتبارية: من (1-1.67) وجود أفكار انتحارية منخفضة، وما بين (1.68-2.34) وجود أفكار انتحارية متوسطة، وما بين (2.35-3.00) وجود أفكار انتحارية مرتفعة.
إجراءات التطبيق:
لغايات تحقيق أهداف الدراسة قام الباحثان بتوزيع المقاييس على العينات، والتأكيد لهم بمدى أهمية الدراسة، حيث تم توزيع (400) استبانة، استبعد منها (26) استبانة لعدم صلاحيتها للتحليل الإحصائي، وقد أصبح العدد النهائي للاستبيانات الصالحة للتحليل (374) استبانة. وقام الباحثان بتوزيع أدوات الدراسة على أفراد الدراسة وإعطائهم الوقت الكافي في الإجابة على فقرات المقاييس، ثم جمع البيانات وتدقيقها، والتأكد من صلاحيتها لأغراض التحليل الإحصائي، ومن ثم إدخالها في ذاكرة الحاسوب، واستخدام التحليل الإحصائي (SPSS) لتحليل البيانات. واستخرجت النتائج، ومناقشتها في ضوء الأدب النظري والدراسات السابقة من حيث الاتفاق والاختلاف، ووضع التوصيات المناسبة في ضوء ما توصلت إليه الدراسة من نتائج.
المعالجات الإحصائية:
للإجابة عن السؤال الأول تم استخدام المتوسط الحسابي، والانحراف المعياري. وللإجابة عن السؤال الثاني تم استخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري. واختبار T) ) للفروق بين الجنسين. وتحليل التباين الأحادي (One Way ANOVA) لمعرفة الفروق في متغيرات العمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى التعليمي. والمقارنات البعدية بطريقة شفية (Scheffe) لمعرفة الفروق في مستوى الأفكار الانتحارية بحسب متغيرات: العمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى التعليمي.
-
عرض ومناقشة نتائج الدراسة:
فيما يلي عرض النتائج المتعلقة بكل سؤال من الأسئلة التي حاولت الدراسة الإجابة عنها.
السؤال الأول: ما مدى انتشار الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين السوريين في الأردن؟
للإجابة عن هذا السؤال تم استخدام المتوسط الحسابي، والانحراف المعياري لمستوى الأفكار الانتحارية لدى عينة من اللاجئين السوريين، وجدول (5) يوضح ذلك.
جدول (5): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لمدى انتشار الأفكار الانتحارية مرتبة تنازلياً
الرتبة | الرقم | الفقرات | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | المستوى |
1 |
25 |
أشعر بأنني قريب من أسرتي. | 2.37 | 0.83 | مرتفع |
2 |
26 |
علاقتي مع الأصدقاء جيدة. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
3 |
22 |
أخطط للمستقبل بعناية فائقة. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
4 |
18 |
يبدو أن الأشياء تسير على ما يرام بالنسبة لي. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
5 |
14 |
أشعر بأنني سأغير الكثير في حياتي إذا ما بدأت من جديد. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
6 |
10 |
إن الناس يقدروني حق تقدير. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
7 |
6 |
أشعر بأن هناك الكثير من الأشياء الهامة يمكنني عملها. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
8 |
2 |
أشعر بأن العديد من الناس يهمهم أمري. | 2.24 | 0.91 | متوسط |
9 |
19 |
أشعر أن الناس تتوقع الكثير مني. | 2.13 | 0.91 | متوسط |
10 |
35 |
أشعر بعدم القدرة على أن أكون سعيداً. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
11 |
31 |
أفكر في الانتحار. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
12 |
27 |
لا أشعر بالأمل في تحسن الأمور مستقبلاً. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
13 |
23 |
أشعر بأنني ليس لدي العديد من الأصدقاء الذين يمكنني الثقة بهم. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
14 |
15 |
أشعر بعدم القدرة على أداء العديد من الأشياء بصورة متقنة. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
15 |
11 |
إن الناس يسخرون مني. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
16 |
7 |
أفكر بالهروب من مشاكل الحياة بأية طريقة. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
17 |
3 |
أشعر بأنني متهوراً أو مندفعاً أحياناً. | 1.87 | 0.91 | متوسط |
18 |
34 |
أشعر بأنني أعاني من الاكتئاب. | 1.80 | 0.92 | متوسط |
19 |
30 |
أنا قلق بشأن الأمور المالية. | 1.80 | 0.92 | متوسط |
20 |
36 |
أفقد قدرتي على الاتزان عندما أكون غاضباً | 1.72 | 0.76 | متوسط |
21 |
32 |
أشعر بالتعب وفتور في الهمة. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
22 |
28 |
أشعر أن الناس لا تتقبلني. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
23 |
24 |
أشعر أن الموت يكون أفضل من أن أعيش حياة ضاغطة وسيئة. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
24 |
20 |
أشعر بالحاجة إلى معاقبة نفسي بسبب كثرة الأشياء التي أخطأت فيها. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
25 |
16 |
أعاني الكثير من المتاعب في الحفاظ على الوظيفة التي أحبها. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
26 |
12 |
أشعر بعداء الآخرين نحوي. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
27 |
8 |
أشعر بالعداء تجاه الآخرين. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
28 |
4 |
أفكر بالأمور بدرجة من السوء لا تمكنني من مشاركة الآخرين فيها. | 1.72 | 0.76 | متوسط |
29 |
33 |
عندما أغضب فإنني أحطم الأشياء من حولي. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
30 |
29 |
لقد فكرت بطريقة أستطيع أن أنهي بها حياتي. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
31 |
21 |
أشعر أن هذا العالم لا يستحق أن أعيش فيه. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
32 |
17 |
أعتقد أن أحداً لن يفتقدني عندما أغيب. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
33 |
13 |
أشعر بضغط نفسي كبير. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
34 |
9 |
أشعر بأنني منعزل عن الناس. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
35 |
5 |
أعتقد أن لدي مسئوليات كثيرة وضغوط عمل لا تحتمل. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
36 |
1 |
عندما أكون غاضباً غضباً شديداً فإنني أقذف بالأشياء بعيداً عني. | 1.63 | 0.83 | منخفض |
الدرجة الكلية للأفكار الانتحارية |
1.87 | 0.31 | متوسط |
يتبين من الجدول (5) أن المتوسط الحسابي للأفكار الانتحارية قد بلغ (1.87) بانحراف معياري (0.31) وبمستوى متوسط، اذ تراوحت المتوسطات الحسابية ما بين (1.63-2.37)، حيث جاءت في المرتبة الأولى الفقرة (25) والتي تنص (أشعر بأنني قريب من أسرتي) بمتوسط حسابي بلغ (2.37) بانحراف معياري (0.83)، بينما جاءت في المرتبة الثانية الفقرات (26، 22، 18، 14، 10، 6، 2) والتي تنص على التوالي (علاقتي مع الأصدقاء جيدة، أخطط للمستقبل بعناية فائقة، يبدو أن الأشياء تسير على ما يرام بالنسبة لي، أشعر بأنني سأغير الكثير في حياتي إذا ما بدأت من جديد، إن الناس يقدروني حق تقدير، أشعر بأن هناك الكثير من الأشياء الهامة يمكنني عملها، أشعر بأن العديد من الناس يهمهم أمري) بمتوسط حسابي بلغ (2.24) وانحراف معياري (0.91) بمستوى متوسط، وجاء في المرتبة الأخيرة الفقرات (33، 29، 21، 17، 13، 9، 5، 1) والتي تنص على الترتيب (عندما أغضب فإنني أحطم الأشياء من حولي، لقد فكرت بطريقة أستطيع أن أنهي بها حياتي، أشعر أن هذا العالم لا يستحق أن أعيش فيه، أعتقد أن أحداً لن يفتقدني عندما أغيب، أشعر بضغط نفسي كبير، أشعر بأنني منعزل عن الناس، أعتقد أن لدي مسئوليات كثيرة وضغوط عمل لا تحتمل، عندما أكون غاضباً غضباً شديداً فإنني أقذف بالأشياء بعيداً عني) بمتوسط حسابي بلغ (1.63) وانحراف معياري (0.83) وبمستوى منخفض.
السؤال الثاني: هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في الأفكار الانتحارية تبعاً لمتغيرات، الجنس، العمر، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي؟
للإجابة عن هذا السؤال تم استخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية حسب متغيرات الجنس، والعمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى التعليمي، ولبيان الفروق الإحصائية بين المتوسطات الحسابية تم استخدام اختبار “ت” لمتغير الجنس، وتحليل التباين الأحادي (One Way ANOVA) لكل من العمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى التعليمي، والجداول أدناه توضح ذلك.
أولاً: الجنس.
جدول (6): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية واختبار “ت” لأثر الجنس على الأفكار الانتحارية
الجنس | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة
“ت” |
درجات الحرية | الدلالة الإحصائية |
ذكر | 176 | 1.81 | .33 | .700 | 372 | .484 |
أنثى | 198 | 1.78 | .33 |
يتبين من جدول (6) عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية ( α= 0.05) تعزى لأثر الجنس.
ثانياً: المؤهل العلمي.
جدول (7): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية حسب متغير المؤهل العلمي
الفئات | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري |
اقل من ثانوية | 226 | 1.82 | .32 |
ثانوية | 88 | 1.78 | .34 |
بكالوريوس | 52 | 1.73 | .31 |
ماجستير فأعلى | 8 | 1.72 | .59 |
المجموع | 374 | 1.80 | .33 |
يتبين من الجدول (7) تبايناً ظاهرياً في المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية بسبب اختلاف فئات متغير المؤهل العلمي، ولبيان دلالة الفروق الإحصائية بين المتوسطات الحسابية تم استخدام تحليل التباين الأحادي حسب جدول (8).
جدول (8): تحليل التباين الأحادي لأثر المؤهل العلمي على الأفكار الانتحارية
المصدر | مجموع المربعات | درجات الحرية | متوسط المربعات | قيمة ف | الدلالة الإحصائية |
بين المجموعات | .455 | 3 | .152 | 1.394 | .244 |
داخل المجموعات | 40.270 | 370 | .109 | ||
الكلي | 40.725 | 373 |
يتبين من جدول (8) عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (=0.05) تعزى للمؤهل العلمي.
ثالثاً: العمر.
جدول (9): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية حسب متغير العمر
الفئات | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري |
15-25 | 193 | 1.80 | .32 |
26-45 | 136 | 1.81 | .32 |
46 فما فوق | 45 | 1.72 | .39 |
المجموع | 374 | 1.80 | .33 |
يبين من جدول (9) تبايناً ظاهرياً في المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية بسبب اختلاف فئات متغير العمر، ولبيان دلالة الفروق الإحصائية بين المتوسطات الحسابية تم استخدام تحليل التباين الأحادي حسب جدول (10).
جدول (10): تحليل التباين الأحادي لأثر العمر على الأفكار الانتحارية
المصدر | مجموع المربعات | درجات الحرية | متوسط المربعات | قيمة ف | الدلالة الإحصائية |
بين المجموعات | .275 | 2 | .138 | 1.262 | .284 |
داخل المجموعات | 40.450 | 371 | .109 | ||
الكلي | 40.725 | 373 |
يتبين من جدول (10) عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α=0.05) تعزى للعمر.
رابعاً: الحالة الاجتماعية.
جدول (11):المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية حسب متغير الحالة الاجتماعية
الفئات | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري |
أعزب | 94 | 1.92 | .26 |
متزوج | 192 | 1.76 | .35 |
مطلق | 26 | 1.78 | .23 |
أرمل | 62 | 1.73 | .35 |
المجموع | 374 | 1.80 | .33 |
يبين من جدول (11) تبايناً ظاهرياً في المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للأفكار الانتحارية بسبب اختلاف فئات متغير الحالة الاجتماعية، ولبيان دلالة الفروق الإحصائية بين المتوسطات الحسابية تم استخدام تحليل التباين الأحادي حسب جدول (12).
جدول (12)تحليل التباين الأحادي لأثر الحالة الاجتماعية على الأفكار الانتحارية
المصدر | مجموع المربعات | درجات الحرية | متوسط المربعات | قيمة ف | الدلالة الإحصائية |
بين المجموعات | 2.143 | 3 | .714 | 6.851 | .000 |
داخل المجموعات | 38.582 | 370 | .104 | ||
الكلي | 40.725 | 373 |
يتبين من جدول (12) وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة (α=0.05) تعزى لمتغير الحالة الاجتماعية، ولبيان الفروق الزوجية الدالة إحصائيا بين المتوسطات الحسابية تم استخدام المقارنات البعدية بطريقة شيفيه (Scheffe) كما هو مبين في جدول (13).
جدول (13): المقارنات البعدية بطريقة شيفيه (Scheffe) لأثر الحالة الاجتماعية على الأفكار الانتحارية
المتوسط الحسابي | أعزب | متزوج | مطلق | أرمل | |
أعزب | 1.92 | ||||
متزوج | 1.76 | .17* | |||
مطلق | 1.78 | .14 | .02 | ||
أرمل | 1.73 | .20* | .03 | .05 |
* دالة عند مستوى الدلالة (α= 0.05).
يتبين من جدول (13) وجود فروق ذات دلالة إحصائية (α= 0.05) بين أعزب من جهة وكل من متزوج ، وأرمل من جهة أخرى وجاءت الفروق لصالح أعزب.
مناقشة النتائج:
أظهرت النتائج المتعلقة بالأفكار الانتحارية، أن مستوى الأفكار الانتحارية لدى الاجئين السوريين في الأردن على المقياس ككل أظهر درجة متوسطة، فقد حصلت الفقرة رقم (25) والتي تنص على “أشعر بأنني قريب من أسرتي” في المرتبة الأولى وبمتوسط حسابي بلغ (2.37)، بينما جاء في المرتبة الثانية الفقرات (26، 22، 18، 14، 10، 6، 2) والتي تنص على “علاقتي مع الأصدقاء جيدة، أخطط للمستقبل بعناية فائقة، يبدو أن الأشياء تسير على ما يرام بالنسبة لي، أشعر بأنني سأغير الكثير في حياتي إذا ما بدأت من جديد، إن الناس يقدروني حق تقدير، أشعر بأن هناك الكثير من الأشياء الهامة يمكنني عملها، أشعر بأن العديد من الناس يهمهم أمري” بمتوسط حسابي بلغ (2.24)، بينما جاء في المرتبة الأخيرة الفقرات (33، 29، 21، 17، 13، 9، 5، 1) والتي تنص على (عندما أغضب فإنني أحطم الأشياء من حولي، لقد فكرت بطريقة أستطيع أن أنهي بها حياتي، أشعر أن هذا العالم لا يستحق أن أعيش فيه، أعتقد أن أحداً لن يفتقدني عندما أغيب، أشعر بضغط نفسي كبير، أشعر بأنني منعزل عن الناس، أعتقد أن لدي مسئوليات كثيرة وضغوط عمل لا تحتمل، عندما أكون غاضباً غضباً شديداً فإنني أقذف بالأشياء بعيداً عني) بمتوسط حسابي بلغ (1.63)، وبلغ المتوسط الحسابي للأفكار الانتحارية ككل (1.87).
ويمكن أن يعزى ذلك إلى الحالة الانفعالية التي يعيشها اللاجئون بسبب تعرضهم لضغوط نفسية مختلفة كالاكتئاب، والرهاب، والقلق، فمما لا شك فيه أن الحروب تترك خلفها أثراً كبيراً لدى الأفراد من تهجير وفقدان قريب أو أكثر، وهدم البيوت من أثر الحرب، وخسائر متعددة من بشر، وممتلكات، مما يترتب على اللاجئ حالة من الخوف على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، واتساع رقعة الحروب في بلدانهم، حيث قد يتولد لديهم شعور بالبؤس، والحزن، وأعراض غير مرغوب بها، وهي عوامل قد ينجم عنها شعور اللاجئ بأن عليه التفكير بطريقة ينهي بها حياته، بالإضافة إلى ما يتكون لديه من معتقدات اجتماعية ونفسية سلبية كعدم القدرة على العيش مع مجتمع غير مجتمعه الأصلي، وقد يكون شعور بأنه لا يستحق العيش في هذه الحياة، وأن عليه مغادرة هذا المجتمع. وتتفق نتيجة هذه الدراسة مع دراسة ديكسون (Dixon, 1992)، ودراسة الحميري (2008)، اللذان يشيران إلى وجود أفكار انتحارية بمستوى متوسط لدى العينات التي أجريت عليها الدراسة. ودراسة (Akinyemi et al., 2015) التي أكدت أن انتشار التفكير الانتحاري كان أعلى بكثير بين اللاجئين مقارنة بغير اللاجئين. وتختلف نتيجة هذه الدراسة مع دراسة الشماط (2013) التي أشارت إلى وجود أفكار انتحارية بمستوى منخفض.
بينما تشير نتائج السؤال الثاني إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لأثر الجنس بين ذكر، وأنثى. ومن الممكن تفسير عدم وجود أثر لمتغير الجنس، إلى أن الفرد اللاجئ لديه ذات الأفكار المتعلقة بالواقع، سواء كان ذكراً أو أنثى، فهم جميعاً بمختلفهم يختبرون حالة التشرد ويدركونها بشكل متساواً، ويحملون ذات الإنطباع عن حجم المشكلة وبالتالي يكون انعكاسها عليهم جميعاً، إذ أن لديهم ذات المشاعر المختلفة من شعور البؤس والأفكار المدمرة للذات بطبيعتهم كبشر ليس من الضروري أن تختلف أفكارهم في كل الأحداث. وتختلف نتيجة هذه الدراسة مع دراسة (Oquendo et al., 2001) التي أظهرت أن معدلات الانتحار لدى الذكور أعلى منها لدى الإناث.
كما أظهرت النتائج عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لأثر العمر من 15-25، وبين 26-45، ومن 46 فما فوق. وتدل هذه النتيجة إلى أن الفرد اللاجئ قد عايش المعاناة والأزمة بمختلف الأعمار، فقد خرجوا من بيوتهم خوفاً من أن يتعرضوا للقتل أو للاعتقال، فقد تركوا بيوتهم وخرجوا إلى أماكن اللجوء سواء كبار السن أو الصغار أو المراهقين، لذلك من المؤكد بأنهم سيختبرون هذه الأحداث بشكل متقارب وبمختلف الأعمار.
كما أظهرت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لأثر الحالة الاجتماعية بين، أعزب، متزوج، مطلق، أرمل، وجاءت الفروق لصالح الأعزب. وتدل هذه النتيجة على أن اللاجئ الأعزب معني بأمور كثيرة، ومتعددة والتي عليه القيام بها، فهو من يبحث عن لقمة العيش، ومكان السكن، وهو من يبحث عن الجهات التي تعنى بمساعدة اللاجئ من منظمات، وجمعيات، وهذا كله يخلق لديه شعوراً عالياً بالمسؤولية قد يقوده للشعور بالقلق والتوتر، وقد يشعر بالذنب نتيجة عدم مقدرته على تأمين أفراد أسرته بمختلف الحاجات، والتي قد يصعب إيجادها مجتمعة في مثل هذه الأزمات. كما أن المشاكل الشخصية والأفكار السلبية أو السوداوية التي يحملها الأعزب اللاجئ بداخله تجعله منزوياً ومنطوياً على نفسه، فيقضي معظم وقته في معاناة صامتة تجعله يفكر في الانتحار من وقت لآخر من أجل إيقاف هذه المعاناة,
كما أظهرت النتائج عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لأثر المؤهل العلمي بين، أقل من ثانوية، ثانوية، بكالوريوس، ماجستير فأعلى. وتدل هذه النتيجة إلى أن الفرد اللاجئ لا يختلف في طبيعة إدراكه للواقع وللأزمة برمتها، عن غيره من اللاجئين بمختلف مؤهلاتهم العلمية، ودرجاتهم الأكاديمية، فهم عاشوا هذه الأزمة وعانوا من تبعاتها منذ البداية، وبالتالي فهم جميعا لديهم رؤىً مشتركة، ومشاعر متقاربة حول الأحداث سواء كان اللاجئ متعلم بدرجات أعلى أو لم يكن متعلم أصلاً.
-
التوصيات والمقترحات:
في ضوء نتائج الدراسة، يمكن اقتراح عدد من التوصيات:
- نشر الثقافة النفسية والتوعوية، في مختلف المؤسسات الاجتماعية سواء في المدارس، أو الجامعات أو وسائل الإعلام بكافة القطاعات المتعاملة مع اللاجئين.
- التركيز بوجه الخصوص على نشر الرعاية الوالدية للآباء والأمهات، من أجل تنشئة جيل قادر على مواجهة تحديات العصر.
- تدريب اللاجئين المحاولين للانتحار على مواجهة الصعوبات والمشكلات من خلا تطوير استراتيجيات حل المشكلات.
- عمل برامج إرشادية وتثقيفية لتوعية اللاجئين من أخطار الاضطرابات النفسية ودورها في الوصول إلى الانتحار.
- إجراء دراسات إضافية تتناول الأفكار الانتحارية وعلاقتها بمتغيرات أخرى، كمدة الإقامة، ونوع السكن، ومكان الإقامة.
- مستوى الافكار الانتحارية لدى فئات عمرية مختلفة كدراسة مقارنة.
قائمة المراجع والمصادر :
أولا: المراجع العربيّة
- ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (1994). لسان العرب. بيروت: دار صادر.
- الأعظمي، سعيد (2009). اضطرابات السلوك تشخيصها والوقاية منها. عمان: دار جليس الزمان.
- البحيري، عبد القريب (2013). مقياس احتمالية الانتحار. القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية.
- حسني، نجلاء (2013). خبرات الإساءة والتقييم السلبي للذات كعوامل منبئة بالأفكار الانتحارية لدى المراهقين. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الزقازيق، مصر.
- حلوان، زوينة (2008). التوظيف النفسي لدى الراشدين الذين قاموا في محاولة الانتحار وابتلاع مواد محرقة دراسة عيادية لتسع حالات. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الجزائر، الجزائر.
- حمودة، محمود (1999). الطب النفسي، النفس أسرارها وأمراضها. القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية.
- الحميري، عبده (2008). تصور الانتحار لدى طلبة الثانوية والجامعية في مدينة ذمار. مجلة العلوم الاجتماعية، 40 (2)، 61-89.
- حميمي، عطاب (2012). إدراك القلق الشديد وعلاقته بالاكتئاب ومشاعر اليأس لدى شريحة من محاولي الانتحار. مجلة معارف، 12، 189-199.
- الخالدي، عطا الله (2008). قضايا إرشادية معاصرة. عمان: دار صفاء للنشر.
- الزراد، فيصل (2016). الأمراض النفسية، عمان: دار الفكر.
- الزراد، فيصل (2012). الاضطرابات النفسية، الجسدية، بيروت: دار النفائس.
- الشربيني، لطفي (2001). الاكتئاب المرض والعلاج. الإسكندرية: دار المعارف للطباعة والنشر.
- الشماط، مازن (2013). مرونة الأنا كمؤشر وقائي من سيطرة الميول الاكتئابية وأفكار الانتحار. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، سوريا.
- الصفدي، هديل (2010). الانتحار في الأردن: ظاهرة أم أحداث عابرة. تم الرجوع إليه بتاريخ 10/1/2017 من الموقع الالكتروني التالي:
http://www.jordanzad.com/index.php?page=article&id=11965
- ضمرة، جلال ونصار، يحيى (2014). أثر نموذج العلاج المعرفي السلوكي المركز على الصدمة في خفض أعراض الاكتئاب لدى عينة من أطفال الحروب. دراسات العلوم التربوية، 41 (1)، 445-461.
- طاهر، دلال (2010). اضطراب الشخصية الاعتمادية وعلاقتها بانغلاق الذات والتفكير الانتحاري لدى طلبة المرحلة الإعدادية. اطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة المستنصرية، بغداد، العراق.
- الطراونة، زياد (2010). الانتحار أسبابه، أعراضه، أنواعه، وطرق علاجه، عمان: مؤسسة الطريق.
- العبيدي، محمد (2004). مشكلات الصحة النفسية أمراضها وعلاجها. الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع.
- العزة، سعيد (2004). تمريض الصحة النفسية. عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع.
- العقيلي، أيمن (2001). الانتحار في المجتمع الأردني: رؤية سوسيولوجية. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
- عمر، أحمد (2008). معجم اللغة العربية المعاصرة. القاهرة: عالم الكتب.
- العيسوي، عبدالرحمن (2000). الاضطرابات النفسية. بيروت: دار الراتب الجامعية.
- فايد، حسين (2004). دراسات في السلوك الشخصية. ط1، القاهرة: مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع.
- فايد، حسين (2001). الاضطرابات السلوكية تشخيصها، أسبابها، علاجها. القاهرة: جامعة حلوان.
- فايد، حسين (1998). الفروق في الاكتئاب واليأس وتصور الانتحار بين طلبة الجامعة وطالباتها، مجلة دراسات نفسية تصدر عن رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية، المجلد الثامن، القاهرة.
- لمين، كوروغلي (2010). مساهمة في دراسة محاولة الانتحار عند المراهق بعد تعرضه لصدفة فشل الأسباب واستراتيجيات التكفل النفسي. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة منثوري، الجزائر.
- المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (2013). مستقبل سوريا أزمة الأطفال اللاجئين. تقرير نوفمبر 2013.
- منظمة العفو الدولية (2014). اللاجئون والأشخاص النازحون داخليا بين حقوق الإنسان والواقع. موارد (21): منظمة العفو الدولية.
ثانيا: المراجع الأجنبيّة
- Ao, T. et al., (2016). Suicidal ideation and mental health of bhutanese refugees in the United States.
J Immigrant Minority Health, 18, 828–835 - Akinyemi, O., Atilola, O. & Soyannwo, T. (2015). Suicidal ideation: Are refugees more at risk compared to host population? Findings from a preliminary assessment in a refugee community in Nigeria. Asian Journal of Psychiatry 18, 81–85
- Brems, C. (2000). Dealing with challenges in psychotherapy and counseling. Scarborough: Ontario Books.
- Dixo, W. (1992). Use different sources of stress to predict hopelessness and suicide ideation in a college population. Journal of Counseling Psychology, 39 (3), 342-349.
- Liu, (2004). Sleep and adolescent suicidal behavior. Prevention Research Center, 27 (7), 1351-8.
- Oquendo, M., Ellis, S., Greenwald, S., Malone, K., Weissman, & Mann, J. (2001). Ethnic and sex differences in suicide rates relative to major depression in the United States. The American Journal of Psychiatry, 158 (10), 1652-1658.
- Perroud, N., Uher, R., Marusic, A., Rietschel, M., Mors, O.,Henigsberg, N., Hauser, G. et al. (2009). Suicidal ideation during treatment of depression with escitalopram and nortriptyline in Genome-Based Therapeutic Drugs for Depression (GENDEP): A clinical trial. BMC Medicine, 7(60), 1-14.
- Rich, A., Kirkpatrick-Smith, J., Bonner, R. & Jans, F. (1992). Gender differences in the psychosocial correlates of suicidal ideation among adolescents. Suicide and Life-Threatening Behavior, 22 (3), 364-373.
- Stack, S. (2002). Occupation and suicide. Social Science Quarterly, 82 ( 2), 348-396.
- United Nations High Commissioner for Refugees – UNHCR (2015). Syria Regional Refugees in Jordan. Retrieved on 21 April 2017 from: https://www.UNHCR.com/html
Abstract
This study aims to Identify on the scope of prevalence of suicidal thoughts among a sample of Syrian refugees in Jordan، in view of some variables such as sex، age، social status and educational level. The sample of the study conducted of (374) refugees. In addition، the study has used suicidal thoughts scale after the verification of the signs of validity and stability for achieve the aims of this study، Also، by using the Statistical Package for Social Sciences (SPSS)، the results have showed a medium level of suicidal thoughts among a sample of Syrian refugees in Jordan. The results of this study has indicated to statistical significant differences in the level of suicidal thoughts which relates to the impact of the social situation. As well، the absence of statistical significant differences in the level of suicidal thoughts relates to the impact of gender، age، educational level.
Keywords: Suicidal Thoughts، Syrian Refugees، Jordan