أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بالتحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة المتوسطة في مدرسة هارون الرشيد بمنطقة جازان- السعودية
هادي موسى جابر الحقوي
قسم علم النفس التربوي- كلية التربية- جامعة الملك خالد- المملكة العربية السعودية.
الملخص: هدفت الدراسة إلى التعرف على العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية كما يدركها الأبناء والتحصيل الدراسي، لدى طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان، بالمملكة العربية السعودية، وتكونت عينة الدراسة من 40 طالباً في الصف الثاني متوسط بمدرسة هارون الرشيد بمركز الحقو، وقد استخدم الباحث مقياس أساليب المعاملة الوالدية بصورتيه للأب (أ) والأم (ب)، للدكتور عابد عبدالله النفيعي (1988)، وأظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01α=) بين أساليب معاملة الأب (الأسلوب العقابي– سحب الحب– التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي للأبناء، كما أظهرت النتائج وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01α=) بين أساليب معاملة الأم (الأسلوب العقابي– سحب الحب– التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي للأبناء، كما أظهرت نتائج الدراسة عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.05α=) بين أساليب المعاملة الوالدية (الأسلوب العقابي – سحب الحب – التوجيه والإرشاد) في المجمل بين الآباء والأمهات.
الكلمات المفتاحية: أساليب المعاملة الوالدية، التحصيل الدراسي، المرحلة المتوسطة.
المقدمة:
تُعد الأسرة أهم المؤسسات التربوية التي ينشأ فيها الصغار، وتزودهم بالخبرات والمهارات المختلفة وتعتبر الأساليب التي يتبعها الوالدان في التعامل مع الأبناء من أهم الأدوات والوسائل التي من خلالها تتم عملية التطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية (عثمان، 2012: 3).
وقد حرص الإسلام على تربية الأبناء تربية سوية خالية من العلل والامراض، وحث الآباء على الحرص والاهتمام بمن ينجبون من الذرية، وبذلك لابد من عمل الآباء الصالح حتى يبقى لذريتهم فالإنسان ليس مسئولا عن نفسه وحسب إنما تمتد مسئوليته التربوية لذريته؛ فعليه أن يخشى الله ليبارك له فيها كما في قوله تعالى:﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًاً ﴾.(النساء: 9).
وكذلك فقد كان النبي يربي الصحابة على الرفق بالأبناء وقد روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلي الله عليه وسلم يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من لا يَرحم لا يُرحم).(النووي، بدون ت: 76).
إن من حق الطفل على الأسرة أن تتبع سياسة ثابتة في تنشئته اجتماعيا، بمعنى البعد عن التذبذب والتردد بين القسوة والتدليل، وبالتالي فإن الأسرة تحدد إلى درجة كبيرة إن كان الطفل سينمو نموا نفسياً واجتماعياً سليما أو غير سليم، فهي مسئولة إلى حد كبير عن تحديد سمات شخصيته وسلوكه في المستقبل. (حمزة، 1982: 215)، ويتبنى الوالدان في تنشئة الطفل أساليب معاملة لها تأثير مهم على تكوينه النفسي والاجتماعي وتحصيله الدراسي، فاذا عومل الابن بالإنصاف فانه يتعلم العدل، وبالتشجيع يتعلم الثقة، وبالتأييد يتعلم عدم الركون إلى الغير أو الاتكالية، وبالتسامح الشديد يتعلم الفتور، وبالأمان يتعلم الصدق، وبالصداقة يتعلم الحب لنفسه وللآخرين وكيفية العطاء، وبالمدح والاثابة يتعلم التقدير (ميكائيل، 2012:2).
ومن التبعات المدمرة لسوء معاملة الأطفال وإهمالهم ذلك التأثير السيء الذي يبدو في انحدار نسبة الذكاء وزيادة صعوبات التعلم وضعف التحصيل الدراسي، حيث تشير الدراسات إلى أن هؤلاء الأطفال يظهرون وظائف عقلية منخفضة، كما أن أداءهم في المدرسة ضعيف للغاية، ويظهرون مشكلات أكاديمية مثل انخفاض درجات اختبارات الأداء المدرسي وانخفاض درجاتهم في اللغة والقراءة والرياضيات والرسوب المتكرر (Kendall- Eckenrode,1996: 18).
ومما لا شك فيه أن المعاملة الوالدية تؤثر على الأبناء في شتى جوانبهم- ولا سيما تفوقهم الدراسي- حيث أكدت العديد من الدراسات على العلاقة بين المعاملة الوالدية وبين التحصيل الدراسي فقد أكدت دراسة جرولنك وريان grolnick and ryan (1989) ، ودراسة كين وآخرون (1996) keithandothers ، ودراسة غازي عيزان (2003) على أن الرعاية الوالدية للأبناء ومتابعة دروسهم تسهم في زيادة تحصيلهم الدراسي وترفع من كفاءة الطفل ويزداد انتظامه الدراسي.
مشكلة الدراسة:
مما لاشك فيه أن مستوى التحصيل الدراسي للطلاب تؤثر فيه العديد من العوامل المختلقة، ومن خلال عمل الباحث فقد شعر بمشكلة الدراسة من خلال عمله مرشداً طلابياً واهتمامه المباشر بالتحصيل الدراسي للطلاب ومستوياتهم الإيجابية (مرتفعي التحصيل) ومستوياتهم السلبية (منخفض التحصيل) لاحظ أن هناك عدة عوامل تؤثر على المستوى التحصيلي للطلاب، ومن أهمها الأسرة ومدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي على أبنائهم، ومن هنا فإن الاهتمام الذي يركز عليه الباحث هو العلاقة ما بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي، وهناك العديد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين المعاملة الوالدية وبين التحصيل الدراسي فقد توصلت دراسة ريبر وريبر(reber& reber, 2001:52) إلى أن أساليب المعاملة الوالدية للأبناء تمثل واحداً من أهم العوامل التي يمكن بمقتضاها التنبؤ بالمشكلات الدراسية المختلفة التي تواجه الطفل في داخل حجرات الدراسة، كما توصلت دراسة ميكائيل (2012)، ودراسة أبو العباس عثمان (2010)، ودراسة وزنة (2008)، ودراسة الوكيل (1989) إلى أن هناك علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائياً بين أساليب المعاملة الوالدية (الأبعاد الموجبة: التوجيه والإرشاد، التسامح، التعاطف الوالدي، التشجيع) وبين التحصيل الدراسي، وكذلك وجود علاقة ارتباطية سالبة دالة إحصائياً بين أساليب المعاملة الوالدية (الأبعاد السالبة: الأسلوب العقابي، سحب الحب، القسوة، الرفض، الاذلال، تفضيل الأشقاء).
كما أظهرت نتائج دراسة الدويك (2008)، ودراسة بيريز وويدوم (1994) العلاقة بين سوء معاملة الوالدين وإهمال الأطفال وبين التحصيل الدراسي، وذلك من حيث الكشف عن الفروق في التحصيل الدراسي بين الأطفال الأكثر تعرضاً لسوء المعاملة وبين الأطفال الأقل تعرضاً لسوء المعامل وإهمال الوالدين. وايضاً دلت نتائج دراسة السباتين (2007)، ودراسة الصادي (2006-2007)، ودراسة شرش (1980م) ودراسة وزنة (2008) أن هناك علاقة موجبة بين المعاملة الوالدية السوية والتحصيل الدراسي، ومن كل ما سبق يتضح لدى الباحث أهمية دراسة العلاقة بين المعاملة الوالدية وبين التحصيل الدراسي لدى الطلاب، وعليه يمكن تحديد مشكلة الدراسة في السؤال التالي: ما العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي لدي طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان؟.
ويتفرع من السؤال الرئيس التساؤلات التالية:
- هل توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الأب (الأسلوب العقابي ـ سحب الحب ـ التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي لدي طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان؟
- هل توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الأم (الأسلوب العقابي ـ سحب الحب ـ التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي لدي طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساليب المعاملة الوالدية (الأسلوب العقابي ـ سحب الحب ـ التوجيه الإرشاد) في المجمل بين الآباء والأمهات؟
فروض الدراسة:
- توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الأب (الأسلوب العقابي – سحب الحب – التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان.
- توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الأم (الأسلوب العقابي – سحب الحب – التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان.
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساليب المعاملة الوالدية (الأسلوب العقابي – سحب الحب – التوجيه والإرشاد) في المجمل بين الآباء والأمهات.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى ما يلي:
- التعرف على الأساليب الوالدية المؤثرة على سلوك الأبناء.
- التعرف على العلاقة بين أساليب معاملة الأب وبين التحصيل الدراسي لطلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان.
- التعرف على العلاقة بين أساليب معاملة الأم وبين التحصيل الدراسي لطلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان.
- الكشف عن الفروق بين أساليب المعاملة الوالدية في المجمل بين الآباء والأمهات.
أهمية الدراسة:
يأتي اهتمام الباحث بهذه الدراسة لمعرفة العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي. وللدراسة أهمية نظرية وأهمية تطبيقية، أوردها على النحو التالي:
الأهمية النظرية:
- تنبع أهمية الدراسة من تناولها لإحدى أهم الموضوعات وهو تربية ومعاملة الأبناء، وبناء الأسرة السليمة التي يتعامل أفرادها مستقبلا معاملة سوية مع أبنائهم.
- أن أساليب المعاملة الوالدية السليمة تمثل أهمية قصوى لبناء أسرة سليمة ومجتمع قوي، فهي تحتاج إلى أساليب تنفيذها بما يخدم الأبناء في الحاضر والمستقبل.
- لأهمية التحصيل الدراسي للأبناء والعمل على ارتفاعه باستمرار والبحث عن العوامل التي من شأنها أن تسهم في انخفاضه، وذلك باستخدام الأسلوب العلمي.
- أهمية المرحلة العمرية التي تتناولها الدراسة، وهي المرحلة الأولى من المراهقة.
- إضافة الجديد من النتائج العلمية لتطبيق مقياس أساليب المعاملة الوالدية بصورتيه الخاصة بالأب والأم.
الأهمية التطبيقية:
- في ضوء ما تصل إليه الدراسة من نتائج يمكن الاستفادة منها في توجيه الوالدين نحو الأساليب السليمة في معاملة الأبناء والتي تؤدي إلى تنمية ثقتهم بأنفسهم، وقدراتهم العقلية والمحافظة على صحتهم النفسية.
- الكشف عن طبيعة العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي للأبناء والأساليب التي تؤدي إلى نتائج سلبية والتي تساعد المربين على الاسهام في الحد من النتائج السلبية لهذه الأساليب، والعمل على إعداد برامج إرشادية للوالدين لتصحيح أساليب معاملتهم لأبنائهم.
حدود الدراسة:
- الحدود الموضوعية: العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي من وجهة نظر الطلاب.
- الحدود الزمانية: طبقت الدراسة خلال الفصل الثاني من العام الدراسي 1435 ـ 1436 هـ (2015)
- الحدود المكانية: مدرسة هارون الرشيد بمركز الحقو في بمنطقة جازان– المملكة العربية السعودية.
- الحدود البشرية: طلاب المرحلة المتوسطة بمركز الحقو التابع لمنطقة جازان – المملكة العربية السعودية.
مصطلحات الدراسة:
أولاً: أساليب المعاملة الوالدية Parental Rearing Styles : المعاملة الوالدية هي عبارة عن الطرق التي يتبعها الآباء ويتمسكون عند تعاملهم مع الأبناء في مواقف الحياة المختلفة ويكون لها الأثر الفعال النفسي والاجتماعي للأبناء (محمود عكاشة ومحمد شفيق زكي، 1997: 40) ويعرفها الباحث بأنها ” مجموعة من الأساليب والطرق التربوية الصحيحة أو الخاطئة التي يمارسها الوالدان مع أبنائهم أثناء عملية التنشئة الاجتماعية، التي تظهر من خلال مواقف التفاعل بينهم، تهدف إلى تعديل سلوكهم والتأثير في شخصياتهم بما يدفع بهم إلى السواء أو الشذوذ.
التعريف الإجرائي لأساليب المعاملة الوالدية: تعرف أساليب المعاملة الوالدية اجرائياً بالدرجات الكمية التي يتحصل عليها المفحوصين في مقياس أساليب المعاملة الوالدية المستخدمة في هذه الدراسة، وهذه الأساليب على النحو الآتي:
- الأسلوب العقابي أو تأكيل القوة confirm power or punitive style: ويشير إلى الأسلوب الذي يؤكد على القوة البدنية أو التحكم بالطفل، ويشمل هذا الأسلوب أساليب معينة منها: تدخل العقاب البدني، الحرمان من أشياء أو امتيازات مادية والتطبيق المباشر للقوة أو التخويف بأي مما ذكر .
- أسلوب سحب الحب love Withdrawal: ويشير إلى الأسلوب الذي من خلاله يظهر الوالدان تعبيرات مباشرة غير بدنية؛ عن استيائهم عندما ينخرط الأبناء في سلوك غير مرغوب فيه، وهذا تجاهل الأبناء أو التعبير الواضح عن عدم محبتهم وعزلهم أو التخويف بتركهم.
- الأسلوب الإرشادي التوجيهي guideline indicative style: ويشير إلى الأسلوب الذي يتضمن وسائل عن طريقها يشرح الآباء ويفسرون لأبنائهم سبب رغبتهم في تغيير سلوكهم، وهذه تعتمد على الاعتقاد بأن الأبناء سيتحكمون في سلوكهم معرفياً عن طريق ربط شرح الوالدين بالموقف.
ثانياً: التحصيل الدراسي : Academic achievement
هو كل أداء يقوم به الطالب في الموضوعات المدرسية المختلفة، والذي يمكن اخضاعه للقياس عن طريق درجات اختبار أو تقديرات المدرسين أو كليهما (العزباوي، 2008: 227).
التعريف الإجرائي: يعرف الباحث التحصيل الدراسي بأنه كل ما يكتسبه الطالب من معلومات والتحقق من الاستفادة من تلك المعلومات عن طريق مجموع الدرجات التي يحصل عليها في الاختبارات التحريرية أو تقديرات المعلمين في جميع المواد الدراسية، ويقاس التحصيل في الدراسة بمجموع الدرجات التي يحصل عليها كل فرد من أفراد عينة الدراسة في اختبار نهاية الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 1435 ـ 1436 هـ (2015) .
المرحلة المتوسطة: عرف العيسى (1429-1430هـ) المرحلة المتوسطة بأنها:” المرحلة الثانية من مراحل التعليم العام الذي تشرف عليه الدولة، ويمتد عمر الطالب فيها من الثانية عشر إلى الخامسة عشر والتي تمثل بداية سن المراهقة المبكرة وتتكون من ثلاثة صفوف الأول والثاني والثالث المتوسط”. ص14. وفي هذه الدراسة سوف نتناول طلاب المرحلة المتوسطة في منطقة جازان بالمملكة العربية السعودية، وذلك في إحدى الصفوف من المدارس الحكومية ويكون الصف الثاني متوسط.
الإطار النظري:
الأسرة:
الأسرة مؤسسة اجتماعية لبقاء الجنس البشري واستمرار الحياة الاجتماعية، وهي تتميز بالمرونة والقدرة على التكيف مع القوي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية السائدة، ومن هنا يصعب العثور على نمط تنظيمي ثابت للأسرة، ومع أن الأسرة تعد الخلية الأولى للمجتمع، غير أنها في كافة الظروف وليدة التغير الاجتماعي، وهي دائمة التطوير وتقوم بتعديل نمطها حتى تتلاءم مع ظروف الحياة التي تسود مكان وزمان بعينه، ومعنى الأسرة في اللغة يصدق على الدرع الحصينة، وعلى أهل الرجل وعشيرته، وعلى الجماعة التي يربطها أمر مشترك، غير أن معنى الأسرة في الوقت الحالي يقصد به الزوج والزوجة والأولاد المباشرين غير المتزوجين، وهو ما ينطبق على معني الأسرة كما يفهم من قولة تعالي ” والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات ” (سورة النحل: 72) كما يفهم في قولة تعالي ” ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة أن في ذلك لآيات بقوم يتفكرون ” (الروم 21).
وفي ضوء هذه التعاريف يمكن تحديد الخصائص التي تتميز بها الأسرة فيما يلي:
- قيامها على أساس علاقة زوجية يوافق المجتمع على شرعيتها.
- انتساب أفرادها إلى اسم عائلي يحظى باحترامهم جميعاً، ويرتبطون به برباط القرابة الدموية.
- اشتراك جميع أفرادها في استخدام نفس المأوى لممارسة حياتهم السرية وتحقيق مصالحهم واشباع حاجاتهم الحياتية .
- تفاعل أفرادها كوحدة اجتماعية تفاعلا متبادلا يتفق مع أدوار كل منهم ومع الظروف السائدة في الأسرة ومع نظم المجتمع .
وتقوم الأسرة بصفة عامة بعمليتين رئيسيتين هما: ضمان البقاء الجسمي، وبناء الخصائص الإنسانية، ومع أن إشباع الحاجات البيولوجية من الأمور الحيوية لاستمرار البقاء، إلا أن مجرد الشعور بالانتماء هي التي تمثل قمة النمو لتلك الخصائص الإنسانية المتكاملة، ويوفر التكامل النفسي، فالتفاعل المستمر بين أعضاء الأسرة يؤثر بشكل واضح في نمو شخصية أعضائها، ومن خلال ذلك التفاعل يتعلم أفرادها أسلوب الحياة، وأشكال السلوك مما يجعل الأسرة ـ بلا جدال ـ أهم الجماعات الأولية التي يحظى فيها الفرد بإشباع حاجاته الوجدانية.
والأسرة تقوم بعدة وظائف تكاد تكون عامة في كافة المجتمعات رغم تنوع طريقة ممارستها باختلاف الإطار الثقافي لكل مجموع، فالأسرة هي وسيلة للاستمرار المادي للمجتمع Perpetuation of the Society التي تزوده بأعضاء جدد عن طريق التناسل، ويدفع الفرد إلى الإنجاب هو تلك الفطرة التي فطر الانسان عليها والتي تجسد رغبته في أن يكون له مولود على صورته، أو ما يطلق عليه استمرارية الذات Self – Perpetuation كما تقوم الأسرة بالمحافظة على الاستمرار المعنوي للمجتمع وذلك بتلقين أفراده قيمه ومعايير سلوكه واتجاهاته وعاداته ونمطه الثقافي (قناوي، 1988: 59).
وفي الأسرة يتلقى الطفل أول دروس التكييف من خلال التعامل مع الآخرين والتوافق معهم، إذ يكتشف الطفل أهمية تقدير واحترام وجود الأشخاص الآخرين والاعتراف بحاجاتهم وحقوقهم، ويبدأ في محيط الأسرة التحول من مرحلة التركيز على الذات إلى المرحلة الاجتماعية التي يتكيف فيها الطفل مع الراشدين، ويقوم بعدد من الأدوار في تعامله مع الأشخاص الآخرين في جماعته الأسرية((Torento University, 1951 .
وتلعب الأسرة دوراً هاما في تحديد الاتجاهات الشخصية لأعضائها، ومن أهم هذه الاتجاهات ما يتصل بالعلاقات الانفعالية، إذ يتعين على كل عضو من أعضاء جماعة الأسرة أن ينمي اتجاهات معينة نحو كل عضو آخر ـ الطفل نحو الطفل، والزوج نحو الزوجة والآباء نحو الطفل، والطفل نحو الآباء ـ وبهذا يكتسب الطفل أنماطاً سلوكية متنوعة خاصة بالعلاقات الشخصية، ويعدل سلوكه مع عوامل السن والامتلاك والعلاقة الخاصة التي تتدخل في العلاقة الشخصية.
وهكذا يتضح أن الطفل يكتسب عادات الحياة عن طريق خبرات الأسرة من خلال عملية التطبيع الاجتماعي أو التنشئة الاجتماعية socialization التي يعدها علماء النفس والاجتماع أهم وظائف الأسرة، ومن خلال عملية التنشئة الاجتماعية يتحول الفرد من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي بشري التصرف يتفاعل في محيط انساني ويتعامل مع الآخرين على أسس مشتركة من القيم الاجتماعية التي تبلور سلوكهم في الحياة، ونظراً لأهمية التنشئة الاجتماعية فإننا سوف نناقش في هذا الجزء مفهومها والنظريات المفسرة لها.
مفهوم التنشئة الاجتماعية:
التنشئة الاجتماعية socialization عملية تستند إلى التفاعل الاجتماعي وتهدف إلى إكساب الفرد طفلاً، فمراهقاً، فرشيداً، فشيخاً ـ سلوكاً ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعي معينة، تمكنه من التوافق الاجتماعي، وتسهل له الاندماج في الحياة الاجتماعية.
وتعرَف التنشئة الاجتماعية بأنها العملية التي من خلالها يكتسب الطفل المعتقدات، والسلوك، والقيم التي يري ضرورتها وأهميتها ومناسبتها لأعضاء المجتمع، فهي في حقيقة أمرها عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد، واستدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية، أو هي عملية تعلم اجتماعي social learning يتعلم فيها الفرد كيف يسلك بطريقة اجتماعية توافق عليها الجماعة ويرتضيها المجتمع، وبذلك يري سيكورد secord وباكمان Backman أن التنشئة الاجتماعية عبارة عن عملية تفاعل يمكن من خلالها تعديل سلوك الشخص بحيث يتطابق مع توقعات الجماعة التي ينتمي إليها (عثمان، 1970:20). ويعرَف جود Good التنشئة الاجتماعية في قاموس التربية بأنها ” العملية التي يتمكن بواسطتها الأفراد والجماعات الذين يعيشون في منطقة جغرافية متجاورة من إنشاء نظام اجتماعي مستقر نسبياً، يشتمل على ثقافة مشتركة أو هي ” طريقة تربية الفرد، وعلى وجه الخصوص الطفل، لفهم وقبول العادات والمعايير والتقاليد وثقافة الجماعة التي يعتبر عضوا فيها، والتعاون من هذه الجماعة بفاعلية (Good, 1973: 16) ويحدد الكين وهاندل (Elkin & Handel, 1997: 9) ثلاثة شروط رئيسية لحدوث التنشئة الاجتماعية هي:
- المجتمع الذي ينشأ فيه الطفل بما له من معايير، وما به من مؤسسات، وما يفرضه على الفرد من أدوار اجتماعية، وما يسود من أنماط ثقافية وما يتعرض له من تغير اجتماعي.
- الصفات البيولوجية الوراثية الجوهرية التي بدونها يستحيل نجاح عملية التنشئة الاجتماعية، فالعوامل الوراثية تحدد المستوى الأساسي لاستعدادات الفرد والعيوب البيولوجية الفطرية تعوق الفرد عن التنشئة الاجتماعية الملائمة، فالطفل الذي يولد ولديه إصابات خطيرة في الذاكرة أو المخ يواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، وقد تسبب العيوب العضوية الأخرى مشكلات أمام التنشئة الاجتماعية، إلا أنها تكون أقل تكون أقل خطورة من العيوب التي تعيب القدرة العقلية وينتج عنها نوع من التخلف العقلي.
- الطبيعة الإنسانية القادرة على إقامة علاقات عاطفية مع الآخرين، وتحويل الخبرة إلى رموز لها دلالة معرفية وانفعالية، ويري كولي Cooly أن الطبيعة الانسانية اللازمة لحدوث التنشئة الاجتماعية تتألف من العواطف وتعتبر المشاركة الوجدانية أكثر العواطف أهمية لأنها تدخل في عواطف أخرى مثل الحب والكراهية والطموح والسخرية والخجل والشجاعة والكبرياء والقسوة، ولذلك تعد العزلة، والحرمان من العلاقات الاجتماعية، وعدم إشباع العواطف الانسانية من الأمور التي تعوق حدوث التنشئة الاجتماعية (الكين وهاندل، 1997: 9).
التنشئة الاجتماعية في الإسلام:
من فضل الإسلام على البشرية أن جاء بمنهاج شامل قويم في تربية النفوس، وتنشئة الأجيال، وتكوين الأمم، وبناء الحضارات، وإرساء قواعد المجد والمدنية، وما ذاك إلا لتحويل الإنسانية التائهة من ظلمات الشرك والجهل، إلى نور العلم والتوحيد والهدي والاستقرار، وقد عني الإسلام بالتنشئة الاجتماعية، وتربية الأبناء وحض عليها، واعتبرها من أبرز المسؤوليات التي يجب أن يطلع عليها المربون (علون، 5:1981).
مفهوم التربية الإسلامية:
التربية الإسلامية هي ” علم إعداد الإنسان المسلم لحياتي الدنيا والآخرة إعداداً كاملا من الناحية الصحية، والعقلية، والعملية، والاعتقادية، والروحية، والأخلاقية، والاجتماعية والإرادية، والإبداعية، في جميع مراحل نموه في ظروف المبادئ والقيم التي جاء بها الإسلام وفي ضوء أساليب وطرق التربية التي بينها، وتعتبر التربية في الإسلام لوناً خاصاً يمثل أسلوب بناء الإنسان المتوازن المتكامل وطريقه لبناء ذاته وتكوين شخصيته عقلياً ووجدانياً، وترمي إلى صقل العقل الإنساني، إلى أقصى طاقاته من أجل خدمة الفرد من ناحية ورفع شأن المجتمع من ناحية أخرى (السويدي، 20:1989).
ويرى الباحث أنه لا يستطيع أحد من المربين أو المؤرخين أن ينكر أن التربية الإسلامية هي الأساس في حضارة المسلمين وأن المثل العليا في تلك التربية تتفق مع الاتجاهات الحديثة في علم النفس والتربية الحديثة، فالكثير من مبادئ وقوانين علم النفس قد ذكرت في التربية الإسلامية منذ مئات السنين.
ومن أهم مظاهر التربية الاجتماعية في الإسلام.
- حرص الإسلام على أن تقوم الأسرة بمختلف أفرادها بدورها في توجيه الطفل والتأثير فيه، بحيث تتوفر له مجموعة من الخبرات ينتقل خلالها من التمركز حول الذات إلى الاندماج في المجتمع.
- عناية الإسلام بإقامة العلاقات الأسرية القوية على أسس متينة، وعواطف صادقة لتثبيت دعائم الأسرة.
- تعليم الطفل كيفية التعامل مع الآخرين، واختيار رفاقه وعلى من يتعامل مع الطفل أن يتقيد بتوجيهات الإسلام، وأن يوفر لهم الأجواء الطيبة لممارسة حياتهم وطفولتهم خلالها.
- العمل على إشباع حاجة الطفل والمتمثلة في: الحاجة إلى الأمن والسلامة، والحاجة إلى المحبة، والحاجة إلى الانتماء .
- إعطاء الطفل حقه في اللعب، لأن له دور أساسي في تشكيل شخصيته الفرد .
- شغل أوقات الفراغ بما بعود على الطفل وعلى امته بالنفع والفائدة كاستخدام الوقت في تنمية المهارات وتنمية المواهب والاستعدادات لدي الطفل .
وبناءً على ما سبق- من عرض- يرى الباحث أن التنشئة الإسلامية للأبناء هي عملية يتم من خلالها تطبيع الآدمي بمبادئ العقيدة والتراث الإسلامي ليكون مسلما أولاً، وليكون قادراً على نقل التراث الإسلامي إلى أجيال أخرى، كذلك يتم من خلالها بناء ذات إسلامية متنامية مع تطور الأحداث وملتزمة بالعقيدة الإسلامية بما تحتويه من وسائل الضبط الشرعية في التحريم والتحليل عن طريق الترغيب والترهيب والمحاكاة والتشبيه والحوار البنّاء ليكون السلوك مهذباً وناضجاً وإسلامياً.
ويتضح لدينا أهمية أساليب المعاملة الوالدية في تكوين شخصية الطفل وتوافقه النفسي والاجتماعي، وفي الواقع فإن الأساليب التي يمارسها الآباء في معاملة في معاملة الأبناء ما هي إلا انعكاس لما تعرضوا له من معاملة خلال سنوات تنشئتهم فهناك بعض الآباء يعاملون أبناءهم كما كانوا يعاملون في طفولتهم فإذا كانت هذه المعاملة تتسم بالمحبة والتفاهم أو القسوة والحزم، نجدهم يتبعون نفس الأسلوب في معاملتهم لأطفالهم، وإذا كانت هذه الأساليب المتبعة من قبل الآباء تثير مشاعر الخوف وعدم الشعور بالأمن يترتب عليها الاضطراب النفسي الاجتماعي، أما إذا كانت هذه الأساليب المتبعة مصحوبة بالمحبة والتفاهم أدت إلى تنشئة أطفال يتمتعون بالصحة النفسية.
- أنواع أساليب المعاملة الوالدية:
تعددت الدراسات والآراء حول تحديد أبعاد المعاملة الوالدية، ومن أوائل هذه الدراسات دراسة سيموندس symonds (1939) والذي اشتملت على بعدين هما: التقبل ـ مقابل ـ الرفض، السيطرة ـ مقابل ـ الخضوع.
وفي عام 1959 وضح شيفر Scheaferأبعاد المعاملة الوالدية والتي اشتملت على بعدين أيضاً هما:
- الاستقلال . مقابل ـ الضبط، التسامح ـ مقابل ـ التقييد .
- الحب ـ مقابل ـ العداء، القبول ـ مقابل ـ الرفض.
بينما قسم النفيعي أساليب المعاملة الوالدية إلى ثلاثة أقسام:
- الأسلوب العقابي أو تأكيد القوة.
- أسلوب سحب الحب .
- الأسلوب الإرشادي التوجيهي (النفيعي، 1997: 18).
ونظراً لتعدد الأساليب فإن الباحث سوف يعتمد على الأساليب الثلاثة التي قسمها النفيعي.
- التحصيل الدراسي
يلعب التحصيل الدراسي دوراً كبيراً في تشكيل عملية التعلم وتحديدها ولكن ليس هو المتغير الوحيد في عملية التعليم إذ أن الهدف من هذه العملية يتأثر بعوامل مختلفة بعضها بالتعلم وقدراته واستعداداته وصفاته المزاجية والصحية وبعضها متعلق بالخبرة المتعلمة وطريقة تعلمها وما يحيط بالفرد من إمكانيات. (بن يوسف، 2008: 19).
- أنواع التحصيل الدراسي: (بن يوسف، 2008: 23).
يمكن تقسيم التحصيل الدراسي إلى ثلاثة أنواع:
- التحصيل الجيد: يكون فيه اداء التلميذ مرتفع عن معدل زملائه في نفس المستوى وفي نفس القسم، ويتم باستخدام جميع القدرات والامكانات التي تكفل للتلميذ الحصول على مستوى أعلى للأداء التحصيلي المرتقب منه، بحيث يكون في قمة الانحراف المعياري من الناحية الإيجابية، مما يمنحه التفوق على بقية زملائه.
- التحصيل المتوسط: في هذا النوع من التحصيل تكون الدرجة التي يتحصل عليها التلميذ تمثل نصف الإمكانيات التي يمتلكها، ويكون أداء متوسط ودرجة احتفاظه واستفادته من المعلومات متوسطة.
- التحصيل الدراسي المنخفض: يعرف هذا النوع من الأداء بالتحصيل الدراسي الضعيف، حيث يكون فيه أداء التلميذ أقل من المستوى العادي بالمقارنة مع بقية زملائه فنسبة استغلاله مما تقدم من المقرر الدراسي ضعيفة لدرجة الانعدام .
وفي هذا النوع من التحصيل يكون استغلال المتعلم لقدراته العقلية والفكرية ضعيفاً على الرغم من تواجد نسبة لا بأس بها من القدرات، ويمكن أن يكون هذا التأخر في جميع المواد وهذا ما يطلق عليه بالفشل الدراسي العام، لأن التلميذ يجد نفسه عاجزاً عن فهم ومتابعة البرنامج الدراسي رغم محاولته التفوق على هذا العجز، أو قد يكون في مادة واحدة أو اثنتين فيكون نوعياً، وهذا على حسب قدرات التلميذ وإمكانياته.
- أسباب انخفاض التحصيل الدراسي:
تختلف اسباب انخفاض التحصيل الدراسي من شخص لآخر بدرجة متفاوتة وأهم أسبابها الآتي:
- أولاً: الأسباب الخلقية:
وهذه تعود إلى أي خلل في نمو العقلي الجهاز العقلي، أو في الاجهزة العصبية، أو ضعف الصحة العامة، أو بعض الأمراض الوراثية مثل البلاهة المنغولية، وهنالك بعض الحالات الناتجة عن تعسر الولادة، والإصابة بالتهاب في المخ أو حالات الأنيميا أو ضعف البصر والسمع (الزيات، 1996: 23).
- ثانياً: الأسباب البيئية والاجتماعية:
والتي تتمثل في حرمان الطفل من المثيرات العقلية، أو الثقافية ويمكن تقسيمها إلى قسمين:
- أسباب وظيفية تتعلق بالطالب ضعيف التحصيل الدراسي، مثل اتجاهاته النفسية نحو العمل المدرسي وانشغاله بالمشاكل العاطفية التي تؤثر على تنظيم أفكاره وتحصيله، كذلك جماعة الأقران والأمراض الطارئة وكثرة الغياب والتنقل بين الفصول والمدارس وسوء التوافق النفسي وعدم القدرة على التكيف.
- أسباب وظيفية تتعلق بالبيئة الاجتماعية لضعيفي التحصيل، مثل ازدحام المنزل أو كثرة عدد أفراد الأسرة وطبيعة العلاقات بين أفرادها كذلك موقع السكن وثقافته الوالدين ووعيهما والاتجاهات النفسية السلبية نحو أبنائهم تعد من أهم الأسباب (الدويك، 2008: 63).
- دور الأسرة في تحسين أداء أبنائهم وزيادة التحصيل الدراسي لديهم:
لقد وجد كل من علماء الاجتماع وعلماء النفس أن اندماج الآباء في مدارس أولادهم يعد هاما لإنجازهم الأكاديمي وكفاءتهم النفسية الاجتماعية، فالاتصال الدائم مع المعلمين يسمح للآباء بأن يتلقوا تغذية مرتدة عن تقدم أبنائهم ومهارات التنظيم الذاتي لديهم (داوود، 1999: 33).
وتري(جلجل، 2001) أن درجة اندماج الآباء في العملية التعليمية للطفل سواء في المنزل أو في المدرسة ترتبط بالتحصيل المدرسي للطفل، وهناك أنواع محددة من التدخل الوالدي تكون مساعدة بصورة أكبر للطفل عن غيرها ولها آثار فارقة على التحصيل.
- أسباب ارتفاع التحصيل الدراسي:
أكدت البحوث على وجود علاقة وظيفية بين التحصيل المرتفع والاتجاهات الموجبة نحو المدرسة وينعكس ذلك على سلوك الطلبة نحو المدرسة والتعليم ويسهم في تعديل التوافق النفسي والاجتماعي للطلبة، وإن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للطالب الأثر الكبير في التوجه نحو التحصيل الدراسي وكذلك موقع المدرسة ونوعها الذي يؤثر ايجابياً في العلاقة بين الطالب والمعلم أو المدرس، مثل دراسة الدويك (2008)، ودراسة بيريز وويدوم (1994)، ودراسة السباتين (2007)، ودراسة الصادي (2006-2007)، ودراسة شرش (1980م) ودراسة وزنة (2008)، ولقد أثبتت هذه الدراسات أن الطلبة المنبسطين والمرتاحين يكون تحصيلهم الدراسي أعلى من غيرهم وهذا قد يعود إلى الأسرة والتنشئة على الرغم من وجود بعض الحالات الفردية التي تكون نتائجها عكسية بسبب الدلال الزائد وعدم المبالاة، ومن العوامل المؤثرة في التحصيل الدراسي للطلبة:
- المناهج الدراسية ومدى ملاءمتها.
- كفاءة المعلم والادارة المدرسية .
- وجود الانشطة المدرسية والرياضية والفنية والعلمية .
- المستوى العلمي والثقافي والاقتصادي وطبيعة العلاقة بين الأفراد مع المدرسة .
- الدافعية والذكاء حسب مستوى الطلبة .
فهذه العوامل تؤثر سلباً أو إيجاباً في التحصيل الدراسي للتلاميذ بمعنى أن هناك عوامل ذاتية (جسمية- نفسية- عقلية) وعوامل خارجية تخص الأسرة بمستواها الثقافي والاقتصادي واتجاهات الوالدين نحو التعليم .
وسنحاول التركيز على مدة الدراسة المتوسطة كونها مدة دراسية متوسطة بين سنوات الدراسة وتقع ضمن المدة العمرية المتمثلة بالمراهقة وهي مرحلة الطالب وما يصحبها من سلوكيات قد يغفلها البعض من المدرسين مما يتطلب وجود الاخصائي أو الباحث الاجتماعي
- دور الوالدين في زيادة التحصيل الدراسي لدي الأبناء: (الدويك، 2008: 86)
- الحوار والإصغاء: إن العلاقة الأفقية مع الأبناء من أفضل الطرق لفهم حاجياتهم ومن بين طرق الدافعية للتعلم سواء الحوار حول موضوع الدراسة أو موضوع آخر شرط المرونة والتقبل والتفهم والصبر تفهم رأي الأبناء .
- المصاحبة: من أفضل طرق زيادة الدافعية للدراسة والتعلم عند الأبناء مصاحبة الأبناء، والعلاقة الحميمية المبنية على التواصل المتبادل.
- النصيحة والإرشاد: انصح وأرشد أبنك مع تفهم للواقع الذي يعيش فيه من جهة وتفهم المرحلة العمرية من جهة ثانية وحاجياته من جهة ثالثة، فكل الأبناء يحتاجون إلى الإرشاد والنصيحة ممن هم أخبر منهم وهم الآباء لكن في غيابهم يحل محلهم الصحبة السيئة .
- استشارة المختصين: استشارة المختصين النفسانيين والاجتماعيين والتربويين في كل مكان وزمان، أستشر حول مشاكل ابنك والصعوبات الدراسية التي تواجهه قبل اتخاذ أي قرار ممكن أن تكون نتائجه سلبية .
- الدعم النفسي: الشكر والمدح والإثراء والمجاملة والاحترام .
- احترام الرغبات: أحترم رغبات ابنك وهواياته ومواهبه وقدراته.
- الوعود: ألتزم بالوعد ولا تعد بما لا تستطيع تنفيذه ونفذ ما وعدت به في الحال .
- تعزيز الجوانب الإيجابية: لا تركز على سلوكيات ابنك السلبية لأنك لن تحل المشكلة، دعّم وعزّز الخصائص الإيجابية ستطفئ السلبية مع الأيام.
- أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بالتحصيل الدراسي:
من الملاحظ أن الدراسات التي اهتمت بالتعرف على العوامل التي تسهم في تباين التحصيل الدراسي كانت دائما تركز على الجوانب العقلية أو الخصائص الشخصية للتلميذ، ولكن في السنوات الأخيرة بدأت حركة نشطة تهتم بالعوامل البيئية المحيطة بالتلميذ لمعرفة مدي ما تسهم بع العوامل في تباين التحصيل الدراسي بين التلاميذ، وقد ركزت الدراسة بصفة عامة على أساليب المعاملة الوالدية ومدي تأثيرها في تحديد مستوى التحصيل عند الأبناء وقد كان من نتائج هذه الدراسة أن الدعم الأبوي للأبناء ونوع الضبط الذي يمارسونه بحق الأبناء له دور بارز في تحديد مستوى التحصيل عندهم، وتشير دراسات حديثة إلى أن هناك تأثيراً فعالا للعلاقة الإيجابية بين الآباء والأبناء، وأن ذلك يؤدي إلى احتمال زيادة قدرة الطفل على مواجهة المهام العقلية بكفاءة أكبر (الدويك، 2008: 85)
الدراسات السابقة:
قام ميكائيل (2012) بدراسة هدفت إلى التعرف على العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي للأبناء وتكونت عينة الدراسة من (238) تلميذ وتلميذة تم تقسيمهم متفوقين وبلغوا (132) ومتأخرين دراسياً وبلغوا (106) وقد خلصت هذه الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية بين أساليب المعاملة الوالدية والتفوق أو التأخر الدراسي.
وفي دراسة قام بها السباتين (2011) هدفت هذه الدراسة إلى استقصاء أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بدافعية الانجاز والتكيف المدرسي، وتكونت عينة الدراسة من (370) منهم (182) من الموهوبين و(188) من العاديين، وأظهرت النتائج أن متوسطات أساليب المعاملة الوالدية جاءت متفاوتة.
كما قام ابو العباس عثمان (1431 هـ- 2010) بدراسة هدفت إلى بحث العلاقة بين دافعية الانجاز للطلابفي كلية القطينة التقنية وأساليب المعاملة الوالدية، وكانت عينة الدراسة طالبات الكلية، وقد استخدم الباحث مقياس الدافعية للإنجاز، وقد أظهرت النتائج عدم وجود فروق ذات دلاله اخصائية بين الطلبة الذكور والطالبات الإناث في أساليب المعاملة الوالدية وعدم وجود فرق بين أساليب معاملة الآباء والامهات وكذلك وجود علاقة بين أساليب المعاملة ودافعية الانجاز .
وأجرى الوكيل (1409هـ – 1989) دراسة هدفت إلى تحديد علاقة الاتجاهات الوالدية –كما يدركها الأبناء-بكل من التحصيل الدراسي والتفكير الابتكاري لطلاب الصف الثالث الثانوي بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، وقد اشتملت عينة الدراسة على (295) طالباً تم اختيارهم بطريقة عشوائية من طلاب الصف الثالث الثانوي بقسميه العلمي (192) والأدبي (103) في المدارس الحكومية للبنين بمدينة الرياض، واستخدم الباحث مقياس الاتجاهات الوالدية، واختبارات القدرة على التفكير الابتكاري، والمعدل التراكمي للتحصيل الدراسي، واستبانة اتجاه الوالدين نحو تشجيع أبنائهم. وقد أظهرت الدراسة النتائج التالية:
- وجود علاقة ارتباطية سالبة ذات دلالة إحصائية بين التسلط والتدليل وبين التحصيل الدراسي .
- وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائياً بين اتجاه الأسوياء وكل من التحصيل الدراسي والتفكير الابتكاري .
- عدم وجود علاقة دالة إحصائياً بين تشجيع الوالدين لأبنائهم على التحصيل الدراسي ومستوى التحصيل الرأسي للأبناء أو بين تشجيع الوالدين لأبنائهم على التفكير والابتكار ومستوى التفكير الابتكاري لدي الأبناء
- وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائياً بين المستوى التعليمي للآباء والأمهات وتشجيع الأبناء على كل من التحصيل الدراسي والتفكير الابتكاري .
- البحوث والدراسات السابقة الأجنبية:
قام شرش (1980) Church,M بدراسة هدفت الدراسة إلى التعرف على أثر الاتجاهات الوالدية على تحصيل الأطفال في المرحلة الابتدائية، وذلك على عينة تكونت من (400) تلميذ من مجموعة مدارس بالجنوب الشرقي بالولايات المتحدة الأمريكية، واستخدمت الباحثة مقياس الاتجاهات الوالدية، واختيار كاليفورنيا للتحصيل الدراسي، وقد كشفت النتائج عن عدم وجود فروق جوهرية دالة بين التحصيل الدراسي للأطفال والاتجاهات الوالدية وتنشئتهم، إلا أنه من الممكن ملاحظة أن أسلوب التسيب في المعاملة الوالدية وخاصة من الأم ينتج عنه انخفاض في التحصيل الأبناء، كما أن سرعة تحصيل الأبناء وكفاءتهم في القراءة والفهم يتأثران بأساليب الآباء والأمهات في التنشئة.
كما قام وتكن وجود انف Witkin & Good enough (1981)، بدراسة هدفت إلى التعرف على العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والأساليب المعرفية لدى الأطفال. وطبقت الدراسة على عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية، وقد استخدمت الدراسة مقياس أساليب المعاملة الوالدية وآخر للأساليب المعرفية، وقد أشارت الدراسة إلى أن أساليب تربية الأبناء من جانب الآباء له تأثيره المباشر على نمو الأسلوب المعرفي وتطوره، فأساليب تربية الطفل التي تشجع الوظائف الاستقلالية تطور الاختلافات بشكل عام والأسلوب المعرفي الاستقلالي عن المجال بصفة خاصة وعلى النقيض في ذلك فإن أساليب تربية الطفل التي تشجع الاعتماد المستمر على السلطة تميل إلى ايجاد اختلافات أقل ومزيد من الأسلوب المعرفي المعتمد على المجال.
وقام دروز Drews , 1983)) بدراسة هدفت إلى معرفة العلاقة بين أنماط التنشئة والتحصيل الأكاديمي للطلبة المتفوقين، وتكونت عينة الدراسة فيها من (312) طالباً وطالبة من المستوى الابتدائي، وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن أمهات الطلبة المتفوقين يملن إلى السيطرة والتسلط في طريقة تعاملهن مع أبنائهن، وأن الطالب المتفوق دراسياً يأتي من العائلة التي يظهر فيها الآباء دفئاً واهتماما أكثر بالأبناء.
كما هدفت دراسة بيريز وويدوم (Perez & Widom, 1994) إلى معرفة آثار سوء المعاملة والإهمال في مرحلة الطفولة على الذكاء والقدرة على القراءة، وقد تكونت عينة الدراسة من (413) من الراشدين تعرضوا لسوء المعاملة والإهمال في طفولتهم ومقارنتهم بمجموعة ضابطة تكونت من (286) مبحوثا، وباستخدام مقياس وكسلر للذكاء تبين أن هناك فروق ذات دلالة إحصائية في معامل الذكاء والقدرة على القراءة بين المجموعتين حتى عندما تم ضبط متغيرات العمر، الجنس، السلالة، الطبقة الاجتماعية. ارتبطت أنماط سوء المعاملة بالفروق في معامل الذكاء والقدرة على القراءة.
- التعقيب على البحوث والدراسات السابقة:
من خلال العرض السابق للبحوث والدراسات التي تناولت متغيرات الدراسة يمكن الأشارة إلى ما يلي:
- من حيث الأهداف: تناولت معظم الدراسات العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي وكذلك العلاقة بين أساليب التنشئة الوالدية والاتجاهات الوالدية كما يدركها الأبناء ومنها دراسة ميكائيل (2012)، والسباتين(2011)، وأبو العباس عثمان(1431هـ – 2010) وتناولت دراسة وزنة (1429هـ- 2008) ودراسة الصاوي (2006- 2007) الفروق الدالة إحصائياً بين المجموعات حسب مستوى التحصيل (منخفض- متوسط- مرتفع) إلى جانب دراسة مستوى العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية السالبة والموجبة وبين التحصيل الدراسي . وتناولت دراسة الدويك (1428هـ-2008) ودراسة بيريزوويدوم (1994) فقد تناولا أثر سوء المعاملة الوالدية على الذكاء والتحصيل .
- من حيث العينة: من خلال الاطلاع على البحوث والدراسات السابقة وجد الباحث أن العينة متقاربة وكذلك شملت الجنسين، إلا بعض الدراسات التي اقتصرت على الطالبات فقط مثل دراسة وزنه (1429هـ ـ 2008) التي اقتصرت على الطلاب فقط، ومن خلال ذلك نجد أن معظم الدراسات تشابهت في نتائجه باختلاف محتويات المقياس واستعمال لأكثر من قياس في الدراسة الواحدة، ولم يكن لنوع الجنس أثر سلبي على النتائج، وفي ضوء هذه النتائج يستطيع الباحث الإجابة على تساؤلات الدراسة من خلال الفروض التي تسعي الدراسة للتحقق من صحتها.
إجراءات الدراسة:
- منهج الدراسة: استخدم الباحث المنهج الوصفي (الارتباطي) حيث يتناسب مع أهداف وفروض الدراسة .
- مجتمع الدراسة: يتكون مجتمع الدراسة من طلاب المرحلة المتوسطة والذين تتراوح أعمارهم ما بين (13-16) سنة، ويدرسون في المدارس المتوسطة الحكومية في مركز الحقو بمنطقة جازان بالمملكة العربية السعودية، ويمثلون المجتمع الإحصائي لهذه الدراسة، حيث يبلغ عدد طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان (25738) طالباً.
- اختبار العينة: العينة الاستطلاعية: قام الباحث باختيار عينة استطلاعية قوامها 20 طالباً من طلاب المرحلة المتوسطة في مدارس مركز الحقو التابع لمنطقة جازان بالمملكة العربية السعودية بهدف التقنين والتحقق من صدق وثبات أدوات الدراسة الحالية.
- عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة النهائية من (40) طالباً في الصف الثاني متوسط من مدرسة هارون الرشيد المتوسطة في مركز الحقو بمنطقة جازان، وقد تراوحت اعمارهم بين (14 ـ 19) سنة وسيتم استعراض الخصائص المتعلقة بوصف أفراد العينة مع التوضيح بالجدول والرسوم البيانية لكل متغير.
وفي ضوء هذه المتغيرات يمكن تحديد خصائص أفراد عينة الدراسة على النحو الآتي:
جدول(1) توزيع أفراد عينة الدراسة وفق متغير العمر.
العمر | التكرار | النسبة | |
العـــــــــــــــــــــمـــــــــــــــــــــــر | 14-16 | 34 | 85% |
17-19 | 6 | 15% | |
المجموع | 40 | 100% |
يتضح من الجدول رقم (1) أن (34) من أفراد عينة الدراسة يمثلون ما نسبته 85% من اجمالي أفراد عينة الدراسة أعمارهم تتراوح بين (14-16) سنة، وهم الأكثر من أفراد عينة الدراسة، في حين أن (6) منهم يمثلون ما نسبته 15% من اجمالي أفراد عينة الدراسة تتراوح أعمارهم بين (17-19) وهم الأقل في عينة الدراسة.
- أدوات الدراسة:
- استمارة البيانات الأولية، من إعداد الباحث .
- مقياس أساليب المعاملة الوالدية، من إعداد الدكتور: عابد بن عبدالله النفيعي (1988) .
- درجات الطلاب النهائية في نهاية الفصل الدراسي الاول للعام الدراسي 1436 هـ / 2015 .
- وصف مقياس أساليب المعاملة الوالدية:
يتكون من صورتين تخص الصورة (أ) الأب، والصورة (ب) الأم، وتحتوي كل صورة على (35) عبارة يتم تقديرها وفق مقياس متدرج يمثل أربعة مستويات من نوع ليكرت والتي قيمتها بالنسبة للأسلوب العقابي، وأسلوب الإرشاد والتوجيه، وأسلوب سحب الحب على النحو التالي: دائما= 4، أحيانا= 3، نادرا= 2، أبدا= 1، ماعدا العبارة رقم 23 من الصورة (ب) الخاصة بالأم فإن قيمتها جاءت معكوسة كالتالي: دائما= 1، أحيانا= 2، نادرا= 3، أبدا= 4.
- بنود المقياس:
اً – أساليب المعاملة الوالدية للأب:
يتكون من (35) عبارة تتعلق بمختلف انواع الأساليب التي يمكن للأب أن يستخدمها مع أبنائه، ويشمل هذا الجزء ثلاثة جوانب وهي على النحو الآتي:
- الأسلوب العقابي من قبل الأب: يشتمل هذا الجزء على 15 عبارة تتعلق بمختلف أنواع الأساليب العقابية والمادية التي بمكن للأب أن يستخدمها في تنشئة أبنائه، ويقيس هذا الجانب الأسئلة: (1، 2، 7، 5، 19، 12، 15، 18، 19، 22، 25، 26، 29، 32، 35) ويقع المدى النظري لدرجات هذا الجانب ما بين 15-60درجة. وكلما زادت الدرجة زاد استخدام هذا الأسلوب في معاملة الأبناء من قبل الأب.
- أسلوب سحب الحب من قبل الأب: يتكون هذا الجانب من 10 عبارات متعلقة باستخدام أسلوب سحب الحب في تنشئة الاطفال والذي يتمثل في التهديد بعدم الحب، أو التوبيخ، أو عدم التحدث معي، أو عدم المساعدة، أو الغضب … وغيرها من الأساليب السلبية. والعبارات التي تقيس هذا الجانب هي:(3، 6، 10، 13، 16، 20، 23، 27، 30، 33). ويقع المدى النظري لدرجات هذا الجانب ما بين 10-40. وكلما زادت الدرجة زاد استخدام هذا الأسلوب في التنشئة من قبل الأب لأبنائه.
- الإرشاد والتوجيه من قبل الأب: يشمل هذا الجانب على 10 عبارات متعلقة باستخدام الإرشاد والتوجيه من قبل الأب في التعامل مع الأبناء كأحد أساليب المعاملة الأبوية. ويتمثل هذا الأسلوب في إعطاء الابن الاستقلالية والاعتماد على النفس في اتخاذ القرارات المتعلقة به، والمساعدة في حل المشكلات، وتقدير وجهة نظر الابن، وتشجيع الابن على مناقشة كل ما يتعلق بجوانب حياته وعلاقاته، وإتاحة الفرصة له للتعبير عن آرائه، وتقيس هذا الجانب العبارات (4، 8، 11، 14، 17، 21، 24، 28، 31، 34). ويتراوح المدى النظري لتوزيع الدرجات لهذا الجانب ما بين 10-40. وكلما زادت الدرجة زاد استخدام هذا الأسلوب الجيد في تنشئة الأبناء.
ب-أساليب المعاملة الوالدية للأم:
يتكون من (35) عبارة تتعلق بمختلف انواع الأساليب التي يمكن للأم أن تستخدمها مع أبنائها، ويشمل هذا الجزء ثلاثة جوانب كما هي في صورة الأب.
- الأسلوب العقابي من قبل الأم: يتكون هذا الجانب من 15 عبارة تتعلق بنفس الجوانب الموجودة في الجزء المتعلق بالآباء. وتختص بهذا الجانب العبارات: (1، 4، 5، 8، 11، 12، 15، 18، 19، 22، 25، 28، 31، 32، 35) ويتراوح مدى الدرجات الخام لهذا الجانب ما بين 15-60. وكلما زادت الدرجة زاد هذا الأسلوب السيئ في التنشئة من قبل الأم.
- أسلوب سحب الحب من الأم: تشتمل أبعاد هذا الجانب على 10 عبارات تتعلق بأسلوب سحب الحب المستخدم في تنشئة الاطفال من قبل الأم، وهي نفس الجوانب التي يغطيها هذا الجزء من مقياس المعاملة الوالدية للأب. وتقيس هذا الجانب العبارات: (2، 6، 9، 13، 16، 20، 23، 26، 29، 33) ويتراوح المدى النظري لتوزيع درجات هذا الجانب ما بين 10-40. وكلما زادت الدرجة زاد الاستخدام هذا الأسلوب السيئ في التنشئة من قبل الأم.
- الإرشاد والتوجيه من قبل الأم: تختص بهذا الجانب 10 عبارات أيضاً تتعلق باستخدام الأم للإرشاد والتوجيه في تنشئة الأبناء وهي نفس الجوانب الموجودة في المقياس الخاص بالأب. وتغطي هذا الجانب العبارات (3، 7، 10، 14، 17، 21، 24، 27، 30، 34) أما مدى الدرجات الخام فتتراوح ما بين 10-40، وكلما زادت الدرجة زاد استخدام هذا الأسلوب الجيد في تنشئة الأبناء من قبل الأم، كما هو الحال في المقياس الخاص بالأب، يجب عكس القيم العددية للمستويات عند التحويل الكمي لأسئلة هذا الجانب.
- ثبات المقياس:
قام معد المقياس بحساب الاتساق الداخلي للمقياس في صورته الأولية بتطبيقه على عينة تتكون من 30 طالباً من طلاب المستوى الرابع بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ووجد معد المقياس أن بعض العبارات كان ثباتها منخفضاً مما اضطره إلى حذفها حتى أصبحت كل صورة منه تحتوي على 35 عبارة، كما تم تطبيق المقياس على 55 طالباً من طلاب المستوى الرابع بجامعة أم القري بمكة المكرمة، حيث وزعت صورة الأب على 27 طالباً , وصورة الأم علي 28 طالباً وطلب من المفحوصين أن يستجيبوا منفردين لكل عبارة من عبارات المقياس باختيار أحد الأبعاد الأربعة للاستجابات، ثم تحليل المفردات لتحديد الاتساق الداخلي، وقد بلغ معامل الثبات للصورة الخاصة بالأم لبعد الأسلوب العقابي وتأكيد القوة 0.89 ,وأسلوب سحب الحب 0.63, وأسلوب التوجيه والإرشاد 0.78 , والمقياس ككل 0.87، أما معامل ثبات الصورة الخاصة بالأب فقد بلغ بالنسبة لبعد الأسلوب العقابي 0.89، وأسلوب سحب الحب 0.87، وأسلوب التوجيه والإرشاد 0.80, والمقياس ككل 0.88 النفيعي,1988).
وتم حساب معامل الثبات من خلال عينة مكونة من 265طالباً من طلبة الجامعات بالمملكة العربية السعودية، وامتاز المقياس بدرجة ثبات عالية حيث بلغ معامل ثبات ألفاً الخاص بصورة الأب 0.89 للأسلوب العقابي،0.82لأسلوب سحب الحب، و0.80لأسلوب الإرشاد والتوجيه، و0.88للمقياس ككل أما ثبات ألفاً الخاص بصورة الأم فقد بلغ 0.89 للأسلوب العقابي، 63.0 لأسلوب سحب الحب، و78. 0 لأسلوب الإرشاد التوجيهي، و87. 0للمقياس ككل (النفيعي .1997أ).
وحصل المقياس على مؤشرات ثبات عالية في عدد من الدراسات المتلاحقة كما هو مبين في الجداول التالية:-
جدول(2) يوضح معامل ثبات ألفاً للمقياس في دراسة النفيعي (1997أ)
العينة | العدد | صورة الأب (أ) | صورة الأم (ب) | ||||||
الأسلوب العقابي | أسلوب سحب الحب | أسلوب
الإرشاد والتوجيه |
المقياس
ككل |
الأسلوب العقابي | أسلوب سحب الحب | أسلوب
الإرشاد والتوجيه |
المقياس
ككل |
||
الكلية | 369 | 88.0 | 69.0 | 77.0 | 86.0 | 89.0 | 67.0 | 79.0 | 88.0 |
الذكور | 199 | 88.0 | 63.0 | 77.0 | 84.0 | 90.0 | 70.0 | 79.0 | 89.0 |
الاناث | 170 | 88.0 | 72.0 | 77.0 | 88.0 | 90.0 | 61.0 | 77.0 | 86.0 |
جدول(3) يوضح معامل ثبات ألفاً للمقياس في دراسة الصيرفي , 1996
جوانب المقياس | معاملة الأب | معاملة الأم | ||
ن | معامل الثبات | ن | معامل الثبات | |
المقياس ككل | 1043 | 92.0 | 1078 | 94.0 |
الأسلوب العقابي | 1061 | 90.0 | 1084 | 92.0 |
أسلوب سحب الحب | 1065 | 79.0 | 1097 | 81.0 |
أسلوب التوجيه والإرشاد | 1081 | 84.0 | 1108 | 89.0 |
جدول(4) يوضح معامل الثبات جدول ألفاً للمقياس في دراسة النفيعي (1997 ب)
العينة | ن | صورة الأب (أ) | صورة الأم (ب) | ||||||
الأسلوب العقابي | أسلوب سحب الحب | أسلوب
الإرشاد والتوجيه |
المقياس
ككل |
الأسلوب العقابي | أسلوب سحب الحب | أسلوب
الإرشاد والتوجيه |
المقياس
ككل |
||
الكلية | 360 | 70.0 | 71.0 | 62.0 | 86.0 | 75.0 | 65.0 | 75.0 | 88.0 |
الذكور | 194 | 68.0 | 67.0 | 69.0 | 84.0 | 78.0 | 67.0 | 73.0 | 89.0 |
الاناث | 166 | 70.0 | 72.0 | 66.0 | 87.0 | 70.0 | 60.0 | 77.0 | 86.0 |
- صدق المقياس:
لمعرفة صدق المقياس أعطيت الصورتان (أ، ب) لثلاثة من اعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية المتخصصين في القياس النفسي، لإعطاء قيمة لكل عبارة في مقياس متدرج من خمس درجات واعتبرت العبارات التي متوسط قيمتها (3) فأكثر عبارات صادقة للصورة النهائية للمقياس، أما العبارات التي حصلت على أقل من 039 فاعتبرت غير صادقة وحذفت من المقياس.
قام الباحث بعمل صدق الاتساق الداخلي في هذه الدراسة:
ثم تحليل المفردات لتحديد الاتساق الداخلي، وقد بلغ معامل الثبات للصورة الخاصة بالأم لبعد الأسلوب العقابي وتأكيد القوة والمقياس ككل 0.755، وأسلوب سحب الحب والمقياس ككل 0.796، وأسلوب التوجيه والإرشاد والمقياس ككل 0.752، أما معامل ثبات الصورة الخاصة بالأب فقد بلغ بالنسبة لبعد الأسلوب العقابي والمقياس ككل 0.755، وأسلوب سحب الحب والمقياس ككل 0.796، وأسلوب التوجيه والإرشاد والمقياس ككل 0.79.
- الأساليب الإحصائية: تم استخدام؛
- التكرارات والنسب المئوية للتعرف على الخصائص الشخصية لأفراد عينة الدراسة .
- المتوسط الحسابي ” Mean ” وذلك لمعرفة مدي ارتفاع وانخفاض استجابات أفراد عينة الدراسة عن المحاور الرئيسية .
- الانحراف المعياري ” Standard Deviation ” للتعرف على مدي انحراف استجابات أفراد عينة الدراسة لكل عبارات متغيرات الدراسة، ولكل محور من المحاور الرئيسية عن متوسطها الحسابي، ويلاحظ أن الانحراف المعياري يوضح التشتت في استجابات أفراد عينة الدراسة، إلى جانب المحاور الرئيسة، فكلما اقتربت قيمته من الصفر تركزت الاستجابات وانخفض تشتتها بين المقياس .
- اختبارات (ت) لعينات المستقلة (lndependent Sample T – test)، ومعامل ارتباط بيرسون، لمعرفة العلاقة بين أبعاد مقياس أساليب التنشئة الاجتماعية والتحصيل الدراسي.
عرض ومناقشة نتائج الدراسة:
نتائج الفرض الأول: وينص على:“توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الأب وبين التحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان”. وللتحقق من صحة هذا الفرض تم حساب معامل ارتباط بيرسون للتعرف على العلاقة بين أساليب معاملة الأب وبين التحصيل الدراسي لدى الطلاب (أفراد العينة).
جدول(5) اختبار بيرسون للتعرف على العلاقة بين أساليب معاملة الآباء وبين التحصيل الدراسي .
البعد | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | ر | الدلالة |
الأسلوب العقابي | 40 | 41.00 | 7.024 | -0.548** | 0.01 |
أسلوب سحب الحب | 40 | 24.2 | 4.542 | -0.548** | 0.01 |
الإرشاد والتوجيه | 40 | 28.65 | 4.990 | 0.522** | 0.01 |
الدرجة الكلية | 40 | 93.85 | 12.897 | 0.641** | 0.01 |
** دالة إحصائياً عند مستوى دلالة 0.01
يتبين من الجدول (5)؛ أن هناك علاقة ارتباطية طردية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين أساليب معاملة الأب اجمالا وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.641)، وكذلك اتضح وجود علاقة ارتباطية عكسية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين الأسلوب العقابي للأب وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.548)، وكذلك اتضح وجود علاقة ارتباطية عكسية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين أسلوب سحب الحب للأب وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.548)، وكذلك تبين أن هناك علاقة ارتباطية طردية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين الإرشاد والتوجيه وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.0522).
نتائج الفرض الثاني: وينص على: “توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الأم (الأسلوب العقابي – سحب الحب – التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان”. وللتحقق من صحة هذا الفرض تم حساب معامل ارتباط بيرسون للتعرف على العلاقة بين أساليب معاملة الأم (الأسلوب العقابي – سحب الحب – التوجيه والإرشاد) وبين التحصيل الدراسي لدى الطلاب (أفراد العينة).
جدول(6) اختبار بيرسون للتعرف على العلاقة بين أساليب معاملة الأمهات وبين التحصيل الدراسي.
البعد | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | ر | الدلالة |
الأسلوب العقابي | 40 | 40.48 | 7.971 | -0.673** | 0.01 |
أسلوب سحب الحب | 40 | 21.90 | 4.199 | -0.411** | 0.01 |
الإرشاد والتوجيه | 40 | 33.30 | 4.351 | 0.354* | 0.05 |
الدرجة الكلية | 40 | 95.68 | 12.483 | 0.697** | 0.01 |
** دالة إحصائياً عند مستوى دلالة 0.01، * دالة إحصائياً عند مستوى دلالة 0.05
يتبين من الجدول(6)؛ أن هناك علاقة ارتباطية طردية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين أساليب معاملة الأم إجمالا وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.697)، وكذلك اتضح وجود علاقة ارتباطية عكسية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين الأسلوب العقابي للأم وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.548)، كما تبين وجود علاقة ارتباطية عكسية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.01) بين أسلوب سحب الحب للأم وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.441) أيضاً تبين وجود علاقة ارتباطية طردية ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة (0.05)بين أسلوب الإرشاد التوجيه للأم وبين التحصيل الدراسي وذلك بقيمة (0.354) .
نتائج الفرض الثالث: وينص على:” لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في أساليب المعاملة الوالدية بين الآباء والأمهات”. وللتحقق بين صحة هذا الفرض تم حساب قيمة ت T- test لإيجاد الفروق في أساليب المعاملة الوالدية بين الآباء والأمهات كما بالجدول التالي:
جدول(7) اختبار (ت) لإيجاد الفروق في أساليب المعاملة الوالدية بين الآباء والامهات.
البعد | البيان | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | ت | مستوى الدلالة |
الأسلوب العقابي | الاب | 40 | 41.00 | 7.024 | 0.313 | 0.755 |
الام | 40 | 40.48 | 7.971 | |||
أسلوب سحب الحب | الاب | 40 | 24.20 | 4.542 | 2.352 | 0.021 |
الام | 40 | 21.90 | 4.199 | |||
الإرشاد والتوجيه | الاب | 40 | 28.65 | 4.990 | -4.442- | 0.000 |
الام | 40 | 33.30 | 4.351 | |||
الدرجة الكلية | الاب | 40 | 93.85 | 12.897 | -0.643- | 0.522 |
الام | 40 | 95.68 | 12.483 |
يتبين من الجدول(7) أن الدرجة الكلية لأساليب المعاملة الوالدية للأب جاء بمتوسط حسابي (93.85) وانحراف معياري (12.897)، بينما جاءت الدرجة الكلية لمقياس أساليب المعاملة الوالدية للأم بمتوسط حسابي (95.68) وانحراف معياري (12.483) وحيث أن قيمة ت = 0.643 وهي غير دالة إحصائيا، مما يدل على عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في أساليب المعاملة الوالدية اجمالا بين الاباء والامهات، كما أن استخدام الآباء الأسلوب العقابي جاء بمتوسط حسابي (41.00) وانحراف معياري (7.024)، وجاء الأسلوب العقابي للأمهات بمتوسط حسابي (40.48) وانحراف معياري (7.971)، وحيث أن قيمة “ت=0.313” وهي غير دالة إحصائيا، مما يدل على عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في الأسلوب العقابي بين الآباء والأمهات، في حين جاء استخدام الآباء أسلوب سحب الحب بمتوسط حسابي (24.20) وانحراف معياري (4.542)، وجاء استخدام الأمهات أسلوب سحب الحب بمتوسط حسابي (21.90) وانحراف معياري (4.199)، وحيث أن قيمة “ت=2.352” وهي دالة إحصائياً عند مستوى دلالة أقل من 0.05، مما يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية في أسلوب سحب الحب بين الآباء والامهات، في اتجاه الآباء، كما يتبين أن استخدام الآباء أسلوب الإرشاد والتوجيه جاء بمتوسط حسابي (28.65) وانحراف معياري (4.990)، بينما جاء استخدام الأمهات أسلوب التوجيه والإرشاد بمتوسط حسابي (33.30) وانحراف معياري (4.351)، وحيث إن قيمة “ت=4.442” وهي دالة إحصائياً عند مستوى دلالة أقل من 0.01، مما يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية في أسلوب التوجيه والإرشاد بين الآباء والأمهات في اتجاه الأمهات.
مناقشة النتائج وتفسيرها:
لقد هدفت الدراسة إلى التعرف على العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية كما يدركها الأبناء والتحصيل الدراسي لدى طلاب المرحلة المتوسطة بمنطقة جازان. وأشارت النتائج إلى وجود علاقة طردية ذات دلالة إحصائية بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي لدى الأبناء، كما توصلت الدراسة إلى أن هناك علاقة طردية ذات دلالة إحصائية متمثلة في استخدام أسلوب الإرشاد والتوجيه وهذه النتيجة منطقية حيث إن الإرشاد والتوجيه يزيد من شعور الأبناء بالأمن النفسي ويعزز الدافع إلى التحصيل الدراسي ويساعد في ارتفاعه لديهم، والأبناء في مرحلة المراهقة أكثر حاجة للتوجيه والإرشاد من قبل الولدين وذلك لعوامل كثيرة منها طبيعة المرحلة والتي تتزايد فيها الضغوط والاضطرابات الانفعالية ويعاني فيها المراهق من كثير من المشكلات ويتطلب التعامل مع تلك المشكلات بأسلوب التوجيه والإرشاد، ولذلك أصبح توجيه وإرشاد الأبناء من بين المجالات الهامة للتوجيه والإرشاد النفسي ويقع على الوالدين مسئولية توجيه وإرشاد أبنائهم.
كذلك أظهرت النتائج أن هناك علاقة عكسية ذات دلالة إحصائية بين استخدام أسلوبي العقاب وسحب الحب وبين التحصيل الدراسي، وهذه النتيجة منطقية في الواقع الذي نعيشه حيث إن هذين الأسلوبين كثيراً ما يلجأ إليهما الآباء والأمهات وخاصة العقاب البدني مع أبنائهم، وهي أساليب خاطئة ويجب التخلي عنها، ولعل البديل عن ذلك هو العلاقة الطيبة القائمة على الحب والاحترام والتفاهم والاحتواء للأبناء لأن أسلوب العقاب الزائد عن الحد المطلوب، وأسلوب عدم التقبل والرفض يؤديان إلى إحساس الأبناء بالدونية ويجعلهم غير متوافقين مع أنفسهم ومع الآخرين، وشعورهم بأنهم غير مقبولين من والديهم وأن أفكارهم وتصرفاتهم لا تعجب والديهم، كل ذلك يؤثر على تحصيلهم الدراسي تأثيراً سلبياً.
كما أشارت النتائج إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في أساليب المعاملة الوالدية اجمالا بين الآباء والأمهات، ومع ذلك فإن الأب قد يختلف قليلا في تعامله مع أبنائه حيث إنه اكثر تشدداً من الام، فهو يجعل أبناءه أكثر حرصاً على استذكار دروسهم بطريقة جيدة، بمعنى أن أسلوب الحزم من الآباء الذي هو وسط بين القسوة والتسيب هو الأسلوب الأمثل في معاملة الأبناء من قبل الأب، وهو الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى تحصيلهم الدراسي، كما أشارت النتائج إلى أن أسلوب التوجيه والإرشاد عند الأم يزيد عن الأب، ولذلك ننصح الوالدين عند استخدام هذا الأسلوب أن يكونا معتدلين حتى لا يؤثر ذلك على نفسية الأبناء.
ومما سبق يتضح أن نتائج الدراسة تتفق مع ما توصلت اليه دراسة ميكائيل(2012) التي توصلت إلى وجود علاقة ارتباطية بين أساليب المعاملة الوالدية (العقاب، التسلط، الحماية الزائدة، التسامح، الأسلوب الديمقراطي) والتفوق الدراسي للأبناء وكذلك توصلت إلى وجود علاقة ارتباطية بين أساليب المعاملة الوالدية والتأخر الدراسي للأبناء، وكذلك اتفقت مع دراسة ابو العباس عثمان (1431 ھ – 2010) التي توصلت إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلبة الذكور والطالبات في أساليب المعاملة الوالدية (عدا أسلوب التسامح مقابل التسلط للأب) حيث متوسط الطلبة الذكور أكبر في سيادته من الطالبات وكذلك عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين أساليب معاملة الآباء وأساليب معاملة الأمهات بمجتمع الدراسة، وايضاً وجود علاقة ارتباطية طردية موجبة دالة إحصائياً بين أساليب المعاملة الوالدية ودافعية الانجاز بمجتمع الدراسة كما انها اتفقت مع بعض الفروض في دراسة وزنه (1429ھ – 2008) التي توصلت إلى وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين كل من الأسلوب العقابي أسلوب سحب الحب للأم والتفوق الدراسي، وتوجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية (موجبة) بين أسلوب التوجيه والإرشاد للأم والتفوق الدراسي، مع وجود اختلاف فيما توصلت اليه من وجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية (موجبة) بين الأسلوب العقابي والتفوق الدراسي للأب.
كما اتفقت نتائج الدراسة الحالية مع دراسة للصادي (2006-2007) التي توصلت إلى وجود فروق دالة إحصائياً في أساليب التنشئة الوالدية كما يمارسها الوالدان من وجهة نظر الأبناء لصالح الذكور في الأبعاد السالبة وهي الإيذاء الجسدي، والقسوة، والرفض، والإشعار بالذنب، والأساليب السالبة بصفة عامة، ووجود فروق في البعد الموجب وهو التوجيه للأفضل.
توصيات الدراسة:
في ضوء ما أسفرت عنه نتائج الدراسة، يمكن تقديم التوصيات التالية:
- العمل على إقامة الندوات والمحاضرات والدورات والبرامج الإرشادية المفيدة والخاصة بتوعية الوالدين بأساليب المعاملة الوالدية السوية للأبناء والتي من الممكن أن تزيد من تحصيلهم الدراسي، وكذلك توضيح أثر أساليب المعاملة الغير سوية على أبنائهم.
- التوعية بأهمية حقوق الأطفال وخاصة في سن مراحل التعليم المتوسطة، إذ أنها تعتبر من مراحل المراهقة، التي لها الكثير من المتطلبات في التعامل السوي مع الأبناء .
- إيجاد طرق وأساليب جديدة للتعامل مع أبنائنا تتناسب مع التحديات التي يواجهها المجتمع وتؤثر على الأبناء وتفكيرهم.
- ضرورة تبني أساليب المعاملة الوالدية الإيجابية نحو الأبناء وتعزيزها.
- تفعيل دور المرشد الاجتماعي في المدارس للتعامل مع مشكلات الطلاب والمساهمة في حلها.
- ضرورة تركيز وسائل الإعلام على تقديم قدوة طيبة للأبناء من خلال عرض سير العلماء في المجالات المختلفة والبعد عن تقديم النماذج الفاسدة لأبنائنا.
- التعاون بين مراكز الإرشاد النفسي ووزارة التعليم، ووضع برامج وآليات لمتابعة مشكلات الطلاب النفسية والسلوكية ودراستها والعمل على حلها.
مقترحات الدراسة:
بناء على نتائج الدراسة يقترح إجراء البحوث التالية:
- إجراء المزيد من الدراسات والبحوث حول أثر المعاملة الوالدية على التحصيل الدراسي للأبناء، وشمول تلك الدراسات لمتغيرات الوالدين الوظيفية والشخصية والحالة الاجتماعية والاقتصادية.
- فاعلية برامج الإرشاد في تعزيز أساليب المعاملة الوالدية الإيجابية ورفع مستوى التحصيل الدراسي للأبناء.
- بحث مقارن بين أساليب المعاملة الوالدية والتحصيل الدراسي لكل طلبة مدارس منطقة جازان.
- استخدام مقاييس آخري في بحث أساليب المعاملة الوالدية كما يدركها الأبناء وعلاقتها بالتحصيل الدراسي .
قائمة المراجع:
أولا: المراجع العربية:
- أبو حطب، فؤاد (1980): علم النفس التربوي، ط2، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
- أحمد العابد وآخرون (2003): المعجم العربي الأساسي، تونس، المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم.
- اسماعيل، محمد عماد الدين (1989): الطفل من الحمل إلى الرشد، دار العلم للنشر والتوزيع، القاهرة .
- إمام، إلهامي عبدالعزيز (1987): الانتماء للأسرة وعلاقته بأساليب التنشئة الاجتماعية، رسالة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة عين شمس.
- جابر عبدالحميد (1993): العلاقة بين أزمات النمو النفسي الاجتماعي وأساليب المعاملة الوالدية، مجلة مركز البحوث التربوية، جامعة قطر، السنة الثانية، العدد3.
- جلجل، نصرة عبدالمجيد (2001): التعليم المدرسي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
- الحامد، محمد ابن معجب (1996): التحصيل الدراسي، دراسته، نظرياته، واقعه، والعوامل المؤثرة فيه. دار الصولتية للتربية، الرياض.
- حسن، محمد بيومي على (1993): التغير والاستمرارية في أساليب الرعاية الوالدية بين مرحلتي الطفولة المبكرة والمراهقة المبكرة . المجلة المصرية للدراسات النفسية، العدد 4، ص 92.
- الحقيل، سليمان عبدالرحمن (1404): سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية: أسسها، أهدافها، ووسائل تحقيقها، واتجاهاتها، نماذج منجزاتها . الرياض: دار اللواء للنشر.
- الخشاب، مصطفى (1957): دراسات في الاجتماع العائلي، القاهرة، مطبعة لجنة البيان العربي.
- داوود، نسميه (1999): علاقة الكفاءة الاجتماعية والسلوك الاجتماعي المدرسي بأساليب التنشئة الوالدية والتحصيل الدراسي، مجلة دراسات العلوم والتربية، مج (26)، ط2.
- الدويك، نجاح أحمد محمد (2008): أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بالذكاء والتحصيل الدراسي لدى الأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة . الجامعة الإسلامية – غزة.
- الزيات، فتحي مصطفى (1996): سيكولوجية التعلم بين المنظور الارتباطي والمنظور المعرفي، القاهرة، دار النشر للجامعات.
- السباتين، أحمد اسماعيل أحمد (2011): أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بدافعية الانجاز والتكيف المدرسي لدى الطلبة الموهوبين وأقرانهم العاديين، جامعة عمان العربية، رسالة دكتوراه منشورة.
- السويدي، وضحة (1989): تنمية القيم الخاصة بمادة التربية الإسلامية، دار الثقافة، الدوحة.
- السيد، عبدالحليم محمود (1980): الأسرة وابداع الأبناء، القاهرة، دار المعارف.
- الشربيني، زكريا أحمد، وصادق، ويسرية (1996): تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملة ومواجهة مشكلاته، دار الفكر العربي، القاهرة .
- عثمان، ابراهيم شيخ عبدالواحد حسين (2012): أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بدافعية الانجاز لدى طلبة المدارس الثانوية، جامعة أم درمان الإسلامية، رسالة ماجستير منشور.
- عثمان، سيد أحمد (1970): علم النفس الاجتماعي التربوي، ج 2، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية.
- العرابي، حكمت (1995): علاقة التحصيل الدراسي للطالبة الجامعية ببعض المتغيرات الأسرية، مجلة جامعة الملك سعود، المجلد 7، العلوم التربوية والإنسانية، الرياض .
- العزباوي، محمد عبدالعزيز (2008): الاتجاهات المعاصرة في التربية والتعليم، مكتبة المجتمع العربي، الأردن، ط1.
- العيسى، بدر بن عبدالرحمن بن سليمان، المراهقة(، 1430هـ، 2009): دار المؤلف.
- الكين فردريك، وجيرالد هاندل . (1972): الطفل والمجتمع: عملية التنشئة الاجتماعية، ترجمة محمد سمير حسانين، طنطا، مؤسسة سعيد للطباعة.
- محمود عكاشة ومحمد شفيق زكي(1997): مدخل إلى علم النفس الاجتماعي، ط1. مصر، المكتب الجامعي الحديث.
- النفيعي، عابد عبدالله (1997): العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية على بعض ووجهة الضبط لدى عينة من طلاب وطالبات جامعة أم القرى، مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، العدد 66، 287.
- النووي، محي الدين(بد ت): صحيح مسلم بشرح النووي، ط3، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
- الوكيل، عبدالحكيم عبدالعزيز أحمد (1989): الاتجاهات الوالدية وعلاقتها بالتحصيل الدراسي والتفكير الابتكاري . جامعة الملك سعود، كلية التربية، رسالة ماجستير منشورة.
ثانياً: المراجع الأجنبية:
- Bell, N.W., & Vogel E.,F.,(1960): Introduction to the Modern Family, New York, Harpar.
- Drews, E. (1983): Learning to gother. (1st ed.) New York: Prentice – hall.
- Good, C.V.,(1973): Dicionary of Education new York McGrow Hill Book Company Inc.
- Reber, S. & Reber, E. (2001): The Penguin Dictionary of Psychology (3rd Ed). London: Penguin Books.
- Torento University, Instiute of Child Study (1951): Twenty five Years of Child Study, Torento, University of Press.
- Mouly, G.L., (1982): Psychology for teaching, Allyn and Bacon, Boston. National Research Counci1 (1993): Understanding child abuse and neglect. Washington, DC: National Academy Press. 93
- Pervin, L.A., (1975): Personality theory, assessment and research, John Wiley and Sons Inc., 2nd Edition.
Abstract:
This study aimed to identifying the relationship between parental treatment methods as perceived by the children and the academic achievement in the middle school students in Jizan region: The sample of the research was ( 40 students ) in the second middle school stage from one of the preparatory schools in Al Haqu center . The research instruments: The study used the parental treatment scale with its two sides for the father (A) and the mother (B), by Dr. (A'bed AbdAllah Al Nafea ,1988 ) The results of the study showed that: There is a strong statistically relationship at (α = 0.01) significance between the father's treatment methods (punishment method, reducing love, and guidance) and the academic achievement of the children. Moreover, the results showed that There is a strong statistically relationship at (α = 0.01) significance between the mother's treatment methods (punishment method, reducing love, and guidance) and the academic achievement of the children. The results showed also that there are no statistically significant differences at (α = 0.522) between the parental treatment as whole between fathers and mothers.
Keywords: parental treatment methods, academic achievement, Intermediate stage.
لتحميل البحث كامل المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث