مجلة العلوم التربوية و النفسية

تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة

تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام  في ضوء التغيرات المعاصرة

نوف بنت سليمان الفوزان1                                                       منصور بن حمود اللهيبي2

1 إدارة تعليم الرياض || المملكة العربية السعودية

2 كلية التربية || جامعة طيبة || المملكة العربية السعودية

الملخص: هدف البحث الحالي إلى التعرف على دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة، وإيجاد تصور مقترح لتعزيزه. ولتحقيق ذلك الهدف استخدم الباحثان المنهج الوصفي التحليلي الذي يتناسب مع طبيعة الدراسة الحالية والذي تطلب القيام بمسح للدراسات والأبحاث والتقارير والمراجع ومن ثم تحليل واستقراء الأدبيات السابقة ذات العلاقة بموضوع البحث. وقد توصل البحث إلى مجموعة من النتائج أهمها: أن للمؤسسات التربوية وفي مقدمتها المدرسة دور فاعل ومهم في تعزيز نشر ثقافة الاحترام في نفوس النشء ويتضح ذلك الدور من خلال:(المنهج – المعلم- سياسة المدرسة- وسائل وأساليب التدريس). سعت العديد من المنظمات العالمية لتعزيز نشر ثقافة الاحترام من خلال تبني العديد من البرامج والمبادرات العالمية التي شجعت على ذلك مثل اطلاق مبادرة (معاً) والتي هدفت إلى تعزيز التسامح والاحترام والكرامة في جميع أنحاء العالم. يمكن للمدرسة الثانوية الاستفادة بمستوى عالٍ من مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء شبكات تعاونية لتوطيد التفاهم والاحترام المتبادل وتعزيز الحوار. للمناهج الدراسية دور كبير في تعزيز وغرس روح الاحترام من خلال مفردات المنهج. وفي ضوء هذه النتائج قدم الباحثان جملةً من التوصيات أهمها: إنشاء وتطوير برامج إرشادية تواكب متغيرات العصر الحالي لإبراز أهمية وقيمة الاحترام بين المجتمعات منبثقة من طبيعة التلميذ وطبيعة المجتمع وطبيعة المعرفة وطبيعة القيم. تطبيق مبدأ الشراكة المجتمعية من خلال الشراكة بين المدرسة والأسرة وذلك بالتواصل المستمر بالزيارات الميدانية أو من خلال منصات إلكترونية يمكن التواصل فيها بين المدرسة وأسرة الطالب من أجل تعزيز قيمة تعليم ثقافة الاحترام.

الكلمات المفتاحية: تصور مقترح- المدرسة الثانوية – ثقافة الاحترام- التغيرات المعاصرة

1-     مقدمة البحث

لقد ميز الله الإنسان بالعقل بما يحمل من قيم وفضائل وخصال كريمة التي تمثل جوهر الإنسان الحقيقي، فبالقيم يصير الإنسان إنساناً وبدونها يفقد إنسانيته، والاحترام قيمة سلوكية إنسانية نادت بها جميع شعوب الأرض والديانات والحضارات، وتقاس هذه القيمة بحسن تعامل الفرد مع الآخرين وتتجلى باحترام الإنسان لكونه إنساناً، فالإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده، لذلك يبني شبكة من العلاقات تربطه بمن حوله، تقوى وتتوسع باحترامه لذاته وتقديره للآخرين المحيطين به، كما أن لكل فرد في المجتمع الحق بأن يحترمه الآخرون في جميع المجالات.

وهذا الأمر لا ينحصر بين الأفراد والجماعات التي تنتمي إلى مجتمع واحد، بل لابد أن تسود حالة التعايش في العالم أجمع، وعلى المجتمعات التي تعيش في هذا العالم أن تعي أهمية الاحترام المتبادل للآراء والأفكار والمعتقدات، لهذا جاء التركيز في معظم المواثيق الدولية التي تتعلق بحقوق الإنسان على حتمية احترام الحريات، ونشر ثقافة الاحترام المتبادل للأفكار، لأنها الطريق إلى التعايش السلمي. فالاحترام يعني مراعاة الاختلاف بين الناس من حيث اللون، والجنس، والدين، والثقافة، والرأي، فهو الطريق لخلق عالم يتسع للجميع وهو الوسيلة الأسرع والأفضل لإرساء حالة التعايش المجتمعي والعالمي معاً.

ولعل أبرز ما يميز الحياة في هذا العصر التغيرات السريعة والتطورات المتلاحقة وذلك في شتى المجالات والتي كان من إفرازاتها ظهور مفهوم العولمة، والتقدم التكنولوجي المذهل وخاصة في تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات، مما أدى إلى تقارب المسافات واختراق الحدود حتى أصبح من المستحيل لأي دولة أن تنغلق على نفسها.

وفي ظل هذه المستجدات والتطورات يحتاج الإنسان فرداً كان أو جماعة إلى درجة كبيرة من الوعي لكي يتمكن من احترام الآخرين أياً كانت قناعتهم وليس من الضرورة أن تتفق الأفكار، ولا يعني احترام الآراء الأخذ أو العمل أو الإيمان بها، لذا من أجل تحقيق حالة التعايش، علينا أن نتعلم احترام الآخر وفي الوقت نفسه لا نعمل بأفكاره، كل هذا ينبغي أن نعتاد عليه، من أجل خلق مجتمع إنساني متحضر يتسع للجميع من دون استثناء. وفي هذا السياق يرى هوارد غاردنر (Howard Gardner) صاحب كتاب خمسة عقول من أجل المستقبل أنه “لا سبيل لمستقبل بشري متوازن ومستقر، إلا بتعلم الجماعات على صنع العقلية التي تحترم الآخرين على عللهم” (عبيد، 2015) .

وهنا يبرز دور المؤسسات التربوية بجميع أشكالها من المدرسة، الأسرة، المسجد، الإعلام، وغيرها من المؤسسات، في بث القيم الإنسانية التي تحث على التكافل الاجتماعي، والتعاون، ونبذ التطرف والعنصرية، والتسامح واحترام الأخر.

والمدرسة – التي تحتضن الطلاب والطالبات من عمر السبع سنوات وحتى الثمانية عشر سنة – تُعد من أهم هذه المؤسسات التربوية التي تساهم في التنمية الاجتماعية، وربط أواصر المجتمع، بل إن من أهم وظائفها الاجتماعية بث القيم الإنسانية الحميدة لدى الدارسين. لذا فإن نجاح مدرسة ما يتبلور في مدى اسهامها في تعزيز ونشر القيم الإيجابية الاسلامية في نفوس النشء فهي تحول الإنسان من كائن بيولوجي إلى كائن إنساني اجتماعي، وتساعده على اجتياز ما يعترض طريقه وإتاحة الفرص أمامه للحوار، والتفاهم، والمشاركة الفعالة، والتعاون، الذي يتحقق بتعزيز قيمة احترام الآخرين لديه كي يتقدم المجتمع ويحيى حياة آمنة كريمة.

مشكلة البحث وأسئلته:

تعتبر قيمة تعليم ونشر الاحترام من القضايا التربوية، والاجتماعية، والأخلاقية، والقيمية التي تستدعي من القائمين في المؤسسات التربوية الاهتمام بها ومحاولة نشرها وتأصيلها وخاصةً خلال المرحلة العمرية التي تمثل مرحلة المراهقة، حيث أدت التغيرات والتطورات الحديثة التي شهدها العصر الحالي في التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال إلى تأثر كثير من الطلاب بهذه التغيرات، وخلط ما هو إيجابي بما هو سلبي، وسادت العديد من الاعتقادات الخاطئة بينهم، حيث انتشرت في المرحلة الثانوية سلوكيات غير مرغوبة مثل الإهمال الدراسي، وكثرة الغياب، وتدني مستوى الانضباط، والمشاجرات، وعدم احترام الآخرين والتلفظ بعبارات لا أخلاقية على إدارة المدرسة، والعاملين بها (قاسم، 2008). ويمكن صياغة مشكلة البحث الحالي في التساؤلات الآتية:

  • ما أهم التغيرات المعاصرة والمؤثرة على دور المدرسة الثانوية في تعزيز نشر ثقافة الاحترام؟
  • ما أهم المبادرات والبرامج الدولية المقترحة لتعزيز نشر ثقافة الاحترام؟
  • كيف يمكن للمدرسة الثانوية أن تقوم بدورها في تعزيز نشر ثقافة الاحترام في إطار التغيرات المعاصرة؟
  • ما التصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في إطار التغيرات المعاصرة؟

أهداف البحث:

سعى الباحثان من خلال هذا البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:

  • التعرف على أهم التغيرات المعاصرة والمؤثرة على دور المدرسة الثانوية في تعزيز نشر ثقافة الاحترام.
  • التعرف على أهم المبادرات والبرامج الدولية المقترحة لتعزيز نشر ثقافة الاحترام.
  • التعرف على دور المدرسة الثانوية في تعزيز نشر ثقافة الاحترام في إطار التغيرات المعاصرة.
  • وضع تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في إطار التغيرات المعاصرة.

أهمية البحث:

تظهر أهمية هذا البحث من خلال النقاط الآتية:

  • أنه يسلط الضوء على ثقافة الاحترام كقيمة تربوية وأهميتها في حياة الفرد والمجتمع.
  • يكتسب البحث أهميته من أهمية الفئة المستهدفة فيه وهم الجيل الصاعد حتى يتمكنوا من أداء واجبهم تجاه المجتمع ويتكيفوا مع المجتمع والعالم .
  • هذا البحث سيقترح ويضع الحلول أمام فئات المجتمع خاصة الفئة صاحبة القرار والتأثير كالجهات التربوية وكذلك الأسر الواعية لتعزيز ثقافة الاحترام.
  • تأتي أهمية هذا البحث من خلال ما يمكن أن يضيفه إلى الأدب النظري والدراسات السابقة حول موضوع تعليم ثقافة الاحترام وغرسه في نفوس النشء.

حدود البحث:

تتمثل حدود هذا البحث في الحدود الآتية:

  • حد موضوعي: اقتصرت البحث الحالي على تناول موضوع المدرسة الثانوية ودورها في تعزيز تشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة من خلال إبراز دور (المنهج، المعلمون، وسائل وأساليب التدريس، سياسة المدرسة)، وايجاد تصور مقترح لتعزيز ذلك الدور.
  • حد مكاني: تنحصر حدود هذه الدراسة مكانياً في المملكة العربية السعودية.
  • حد زمني: تم إجراء هذه الدراسة خلال الفصل الدراسي الثاني من العام 1437/1438هـ

مصطلحات البحث:

تمثلت مصطلحات البحث في التالي:

التغيرات المعاصرة (Contemporary Changes):

عرف العصيمي (2005، 368) التغيرات المعاصرة بأنها: ” المفاهيم والأفكار والتطبيقات الجديدة التي طرأت واستجدت على الأبعاد الرئيسة التي تشكل العالم المعاصر، وهي الأبعاد: المعرفية، والمعلوماتية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية”.

وحسب (Arab British Academy for Higher Education، 2014) فإن التغيرات المعاصرة تتمثل بالتغيرات في قيم نسق العلاقات المجتمعية بسبب عوامل ومسببات لهذه التغيرات وهي: الثورة العلمية، والإنجازات التقنية، والثورة الهائلة في مجالات الاتصالات؛ مما ترتب عليه ظاهرة العولمة.

2-     منهج البحث:

استخدم الباحثان المنهج الوصفي التحليلي الذي يتناسب مع طبيعة الدراسة الحالية والذي تطلب القيام بمسح للدراسات والأبحاث والتقارير والمراجع ومن ثم تحليل واستقراء الأدبيات السابقة ذات العلاقة بموضوع البحث.

3-     الدراسات السابقة:

سوف يتم سرد أبرز الدراسات التي اعتمدت عليها الباحثان حسب التسلسل التاريخي من الأحدث إلى الأقدم:

حيث أجرى (عبيدات، 2015) دراسة بهدف الكشف عن دور المؤسسات التربوية في تعزيز منظومة القيم في المجتمع، وكانت أهم توصيات البحث تمثلت في تقوية العلاقة بين المدرسة ولمؤسسات التربوية الأخرى، السيطرة على وسائل الإعلام وألا تقدم إلا ما يتوافق مع ثقافة المجتمع الإسلامي.

وهدفت دراسة (حماد، 2015) إلى استقصاء مستوى إسهام الإعلام التربوي في تعزيز صندوق قيم مبادرة الاحترام والانضباط لدى طلاب مدارس وكالة الغوث الدولية بقطاع غزة، 2015 من وجهة نظر معلمي المبادرة، والوقوف على أهم المشكلات التي تواجه الإعلام التربوي في تعزيز صندوق قيم مبادرة الاحترام والانضباط ولتحقيق ذلك استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي وحيث أظهرت النتائج أن المستوى العام لإسهام الإعلام التربوي في تعزيز صندوق مبادرة الاحترام والانضباط كان بدرجة متوسطة كما أوصت الدراسة بضرورة تبني المدارس برامج إعلامية تدعم صندوق قيم مبادرة الاحترام والانضباط وتفعيل دور البيت مع المدرسة في تعديل وتغيير وتبديل بعض المفاهيم القيمية لدى الطلاب.

بينما أجرى (ثابت، 2012) دراسة هدفت إلى قياس فاعلية برنامج مبادرة الاحترام والانضباط الذي يطبق في مدارس وكالة الغوث الدولية بمحافظات غزة من وجهة نظر المديرين والمعلمين ثم تحديد أفضل السبل لتطوير البرنامج، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليل وطبق أداتين على عينة قوامها (56) من المدراء و (168) من المعلمين وقد أظهرت النتائج أن نسبة عالية من العينة لها تصور واضح عن أهداف وأنشطة برنامج المبادرة وأنه يسهم في تعزيز منظومة القيم الإيجابية ورفض السلوكيات غير المرغوبة لدى طلبة المدارس.

فيما كان هدف دراسة (حلس، 2010) الشعور بالمسؤولية وغرس روح الاحترام كقيمة تربوية أحد أساليب تنمية الإبداع لدى الطفل وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي من خلال مراجعة الأدبيات التربوية ذات العلاقة بموضوع الدراسة وقد توصلت الدراسة إلى أن تنمية الشعور بالمسؤولية وغرس روح الاحترام كقيمة تربوية مسؤولية مشتركة بين مؤسسات تربية الطفل كالأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام لا يمكن إنجازها بجهود فردية من قبل المدرسة أو بعض منسوبيها، إعادة النظر في بناء المناهج وبرامج الأطفال في مختلف المراحل المواد الدراسية وفق منحنى إسلامي قيمي يقوم على التحديد المسبق والصريح للقيم التي تصلح أن تكون أساساً للمنهج في مراحل التعليم العام.

كما قام (محمد، 2008) بدراسة للكشف عن حجم ودرجة احترام التلميذ للمعلم والتوصل إلى مؤشرات كمية وكيفية تساعد في تطوير احترام التلميذ للمعلم من منظور نموذج الانضباط التعاوني ولتحقيق ذلك استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليل وقد أوصى الباحث بضرورة تطوير مجموعة خطوات لتطوير احترام التلميذ للمعلم من بينها تحديد ووصف هدف سلوك التلميذ المقبول واختيار أساليب التدخل المهني.

أما في قطاع غزة فقد أظهرت دراسة (مرتجى، 2004) مدى ممارسة طلبة المرحلة الثانوية للقيم الأخلاقية من وجهة نظر معلميهم في محافظة غزة، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي وقد توصلت الدراسة إلى ضرورة الاهتمام بالقيم الاخلاقية المستمدة من مصادر الإسلام، وتنمية بعض القيم الخُلقية لدى طلبة المرحلة الثانوية، حث المدرسة الثانوية على الإكثار من الأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية التي تدعم القيم الأخلاقية وغرسها لدى الطلاب، ضرورة اختيار المعلمين القدوات لنشر الأخلاق والفضائل وغرسها في نفوس الطلبة.

وفي ذات السياق كان هدف دراسة (الهندي، 2001) بعنوان دور المعلم في تنمية بعض القيم الاجتماعية لدى طلبة الصف الثني عشر بمحافظة غزة من وجهة نظرهم وقد هدفت الدراسة إلى التعرف على مدى قيام المعلم في تنمية بعض القيم الاجتماعية لدى طلبة الصف الثاني عشر، وقد توصلت الدراسة إلى ضرورة اهتمام المسئولين التربويين بالقيم الاجتماعية والتركيز عليها أثناء عقد الدورات التدريبية كما أوصت بإعادة بناء مناهج الدراسة بما يكفل تضمين القيم الاجتماعية لعناصر المنهاج من حيث المحتوى والأنشطة التعليمية.

التعليق على الدراسات السابقة:

على الرغم من تناول الدراسات السابقة لجوانب متعددة ومتنوعة فيما يخص أدوار المؤسسات التربوية في نشر وتعزيز القيم الأخلاقية إلا أنه لا توجد دراسة على حد علم الباحثان تناولت تقديم تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة.

وقد استفادة البحث الحالي من الدراسات السابقة، في تكوين الخلفية العلمية عن ثقافة الاحترام، وفي صياغة مشكلة البحث وأهدافه وأهميته، وكذلك في تحديد منهج البحث، كما استفاد البحث الحالي من الدراسات السابقة في الاطلاع على المراجع التي اعتمد عليها الباحثون السابقون في دراساتهم، ولا شك أن الدراسات السابقة ساعدت الباحثان لاحقاً في تقديم التصور المقترح والمقترحات.

4-     الإطار النظري للبحث:

مفهوم الاحترام:

يأتي مفهوم الاحترام في اللغة بمعنى: من احترم بمعنى المهابة ورعاية الحرمة.

في الاصطلاح: “إعطاء الأشخاص والأشياء والأفكار والمعاني ما تستحق من مكانة ومهابة ووقار ورعاية حرمة” (الجلاد، 1435هـ).

وحدد (السنيدي، 2012) المفهوم الدولي للاحترام بأنه ” أحد القيم الإنسانية ويعني تقدير الإنسان للآخر بغض النظر عن لونه أو نسبه أو ثقافته، بل التقدير راجع لصفته الإنسانية فقط، وقد يشمل الاحترام تقدير المعاني كاحترام الأنظمة والحقوق والمواقف المشرفة والإبداعات المتميزة، وكلمة احترام في العلاقات الدولية أساس مهم في التعامل إذ أن فقدان الاحترام بين الدول قد يُثير أزمات سياسية فاحترام الحدود بين الدول واحترام رعايا الدولة وقوانينها من الأمور الأساسية لكل دولة”. وعليه فإن الاحترام له العديد من المظاهر منها الاحترام بين الدول من خلال إعلان الحداد العام، وتنكيس الأعلام عند وفاة حاكم البلد الآخر. وأهم مظاهر الاحترام بين الدول عقد الاتفاقات الثقافية والاقتصادية والتبادل المنفعي في كل مظاهر الحياة.

الحاجة إلى تعليم ثقافة الاحترام:

إن الحاجة إلى تعليم وتعلم ثقافة الاحترام اصبحت ذات أولوية عالية للمجتمعات والأفراد، ويمكن حصر تلك الحاجات في النقاط الآتية:

أولاً: إشباع إحدى الحاجات الفطرية:

يعد الاحترام إحدى حاجات الإنسان النفسية الفطرية التي يسعى إلى إشباعها والتضحية من أجلها، حيث أنه يسهم في إحداث توازن نفسي لدى الإنسان وفي خفض مستوى القلق والاضطراب وفي منحه الثقة بالنفس والشعور بالنجاح ويثبت الإنسان في مواقف الشدائد والمحن، فهو يعطي الشخص دفعة إيجابية قوية جداً إلى الأمام ويمكنه من توجيه فكره وجهده والإفادة من وقته وقدراته نحو الاستمتاع بالحياة بدرجات عالية، كيف لا وهو لا يسيء إلى غيره ويتوقع من الآخرين أن يعاملوه بنفس الدرجة.

 ثانياً: تطوير الذات:

يسعى الفرد إلى اكتساب المعارف الإنسانية من مصادرها المتعددة ويعد التعليم من أهم تلك المصادر وبخاصة إذا تم وفق برامج معدة من أخصائيين وشارك في تعليمه معلمون أكفاء مهرة، فالخبرات الإنسانية تراكميه ولن يتمكن الشخص من اكتساب المعارف والخبرات إلا إذا قدرها واحترم أصحابها والطرائق والوسائط الناقلة لها وهذا كله يسهم في تطويره وتحسين أداءه واشباع حاجاته.

ثالثاً: تحقيق القبول الاجتماعي:

الإنسان اجتماعي بطبعه، فيسعى إلى الانتماء إلى جماعة اجتماعية يتمكن من خلالها من العيش الآمن وإشباع حاجاته وممارسة هوايات حياته بصورة طبيعية، ولن يتحقق له ذلك إلا إذا لقي قبولاً من تلك الجماعة سواء أكانت جماعة الأسرة أم جماعة المدرسة أم غيرهما. والاحترام يجعله محل قبول من أفراد الجماعة الاجتماعية دون صراع مباشر، مع احتفاظه بخصوصيته المالية والفكرية. فإن احترامك للناس يكسبك محبتهم، ولا يفقدك مهابتك (الجلاد، 1435هـ).

رابعاً: المشاركة في بناء الجماعة والمجتمع:

يعد الاحترام عاملاً مهماً في نجاح الشخص والجماعة في إنجاز المهام بإتقان، فهو عماد التعاون، والتعاون عماد التوافق، والتوافق عماد الإنجاز المتقن والقبول. ففي دراسة لبروير وماكديرموت(Breuer&Mcdermott، 2013) بعنوان الاحترام والمسؤولية والتنمية هدفت إلى وضع نظرية تفسر تأثير اثنين من القيم الأساسية – الاحترام والمسؤولية- على الإنتاجية وتراكم رأس المال، والناتج للعامل الواحد. وباستخدام بيانات المسح على احترام الآخرين والمسؤولية من ست أنواع من القيم العالمية، تم الاختبار التجريبي للنموذج باستخدام مجموعة من البيانات وتضم 82 دولة على مدى ست سنوات، وتوصلت إلى بناء نموذج نظري يقوم على فكرة أن القيم الأساسية هي المحددات الكامنة للإنتاجية وتراكم رأس المال المادي والبشري، فاحترام الآخرين هو مقياس تقريبي لمدى جدية الناس ويمكن الأخذ بها كقاعدة ذهبية تقرب جميع الأديان وتشجع الأفراد على أن تكون جديرة بالثقة عند التعامل مع الآخرين بغض النظر عن المسافة الاجتماعية، كما أن احترام الآخرين يقلل من التهرب والغش والفساد في التبادل الاقتصادي فهو يزيد من مستوى الثقة في المجتمع وفي صدد البحث عن المحددات العميقة للتنمية الاقتصادية توصلت هذه الدراسة إلى العنصر الثقافي كمحور هام للنتائج الاقتصادية وحددته في اثنين من القيم هي احترام الآخرين والمسؤولية.

خامساً: تحقيق التعايش في ظل التعددية الثقافية والتنوع الثقافي:

يعد احترام الآخر من القيم التربوية التي ترسخ التنوع الثقافي والتعاون والتفاهم بين الشعوب المختلفة وتنبذ التعصب والعنصرية وتفتح قنوات الحوار والاتصال الثقافي لتحقق التسامح والسلام والأمن.

سادساً: تعزيز المواطنة الصالحة

ويكون ذلك بالاعتماد على الاحترام كقيمة أساسية في إطار تعليم المواطنة، فالتدريس لهذه القيمة من شأنه تعزيز ممارسة المواطنة المسؤولة. ففي دراسة لهاميت وستيهلي (Hammett&Staehli، 2011) بعنوان “الاحترام والمسؤولية: تدريس المواطنة في المدارس الثانوية في جنوب أفريقيا”، هدفت إلى حث المربين للتعرف على الاحترام كقيمة أساسية للمواطنة الصالحة بحيث تظهر من خلال ممارسات المواطنة المسؤولة من قبل المتعلمين، وعلى الرغم من أن الاحترام مصطلح له معاني كثيرة والعديد من الاستخدامات إلا أنه يمكن توظيفه في التعليم على المواطنة، وتظهر الدراسة أن العديد من المربين دعم مثالية الاحترام وأنه يمنح الكرامة والحقوق لجميع الناس كما أن المتعلمين حين يطلب منهم إظهار الاحترام يتوقعون ظهور الاحترام من قبل المربين مما يلزم المعلمين لعلاج المتعلمين بحتمية سلوكهم لتجسيد قيمة الاحترام. ويرى الباحثان أن التحدي يبقى لتصور الاحترام ضمن السياق التعليمي باعتباره علاقة متبادلة وسن هذه القيمة في روح المدرسة فيجب أن يجسد المربين هذا المثل الأعلى إظهار الاحترام تجاه المدرسة والمتعلمين.

تعليم ثقافة الاحترام في الإسلام:

يظهر الاهتمام بالاحترام في الإسلام كأساس لوجود بني آدم على الأرض حيث يقول الله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”(الإسراء: 70)، والمقصود بالتكريم في هذه الآية هو الاحترام، حيث بدأت العناية بهذه القيمة التربوية والأخلاقية منذ خلق الإنسان وخصه الله تعالى بالرعاية من كونه جنيناً في بطن أمه، وحضّ والديه على العناية به ورضاعته حولين كاملين، وفي حال انفصال والديه يكون بحضانة أمه لأنها الأكثر رأفة به قال تعالى “لا تضار والدة بولدها”(البقرة: 233)، فتكفل الله له بحفظ كرامة الإنسان، وأوجب أن يمنح له هذا الحق منذ ولادته وفي جميع مراحل حياته حتى وفاته.

ويظهر اهتمام الإسلام بالتربية على احترام الآخرين، حيث جعل التقوي هي مقياس التكريم والاحترام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد في مسنده: “إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم، طف الصاع لم تملئوه، ليس لأحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح”، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: “أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أي تنظفه ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها، فقالوا: ماتت، قال: افلا كنتم آذنتموني؟، قال: فكأنهم صغروا أمرها، فقال: دلوني علي قبرها، فدلوه، فصلى عليها عند قبرها، أخرجه البخاري ومسلم، وهو تدريب عملي من الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته على احترام الآخرين مهما صغرت مكانتهم، خاصة أنها كانت تقوم بعمل صالح بتنظيف المسجد، وهو بيت الله، ومكان اجتماع المسلمين.(جمعة، 2009)

كما وجد في التاريخ الإسلامي ضرب من الأدب عرف بأدب الاختلاف وهو خلق إسلامي ومظهر إيجابي من مظاهر الحضارة الإسلامية، حيث يتضمن قيم الحوار وأدب الخلاف في الإسلام، من أجل إنصاف الخصم واحترام الرأي الآخر وفيه تفصيل لأسس التنوع الثقافي التي كفلت حرية الاعتقاد والدين، والقيم التي ترسخ التفاهم الثقافي والتعاون والتعايش بين الشعوب هي قيم تقوم على ثلاثة قواعد:

  • قاعدة الاحترام المتبادل.
  • قاعدة احترام الخصوصيات.
  • قاعدة التسامح.(عزوزي، 2009)

وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: “كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بالجنازة، فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض أي من أهل الذمة في هذه البلد فقالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرّت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال أليست نفسا؟”.

كما يظهر الاحترام داخل الأسرة في الإسلام، فعن أنس رضي الله عنه قال: “بلغ صفية بنت حيي أم المؤمنين أن حفصة أم المؤمنين قالت عنها: بنت يهودي، فبكت صفية، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة إني بنت يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيما تفخر عليك؟، اتقي الله يا حفصة، أخرجه أحمد والترمذي، حتى أن الإسلام يعلمنا قيمة الاحترام فأمرنا أن نحترم الحيوان، “عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فاقضوا حاجتكم” أخرجه أبو داود في سننه.(جمعة، 2009)، والرسول صلى الله عليه وسلم قدوة يحتذى به في غرس روح الاحترام في النشء فعن سهل بن سعد رضي الله عنه:” أن رسول الله أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام: لا والله لا أؤثر بنصيبي منك أحداً فتله – أي وضعه- في يده”.(النووي، ب. ت)

أهم التغيرات المعاصرة والمؤثرة على دور المدرسة الثانوية في تعزيز نشر ثقافة الاحترام:

يتسم العصر الحالي بالتغير السريع والانفجار المعرفي المستمر الذي يعد من أبرز سماته التقدم العلمي والتطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية، حيث أحدث ذلك الانفجار المعرفي تطورات كبيرة وتغيرات سريعة في وسائل وأساليب الإنتاج التي أصبحت بحاجة إلى أشخاص مبدعين حتى يتعاملوا معها، ويشهد العالم في الوقت الحالي بعض التغيرات العصرية والمتمثلة في العولمة، والثورة المعلوماتية، والتطور البحثي، وتنامي الفرص المختلفة التي تتوافر لمن يمتلك المهارات والقدرات الإبداعية، ويمكن استثمارها بشكل يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع. ومن جهة أخرى، فإن المدرسة هي إحدى المصادر التي تكتشف العقول المبدعة، وتبرز ما يمتلكه الطلاب من مواهب ومهارات، حيث تقدم لهم الرعاية اللازمة وتوجههم لخدمة الوطن في العديد من المجالات(محمد، 2013(.

وتعد مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها (الواتس اب، التويتر، الفيس بوك، اليوتيوب وغيرها من البرامج والتطبيقات المختلفة) التي برزت وبشكل هائل على شبكة الإنترنت من أحدث ما انتجته التكنولوجيا، ومن أهم التغيرات المعاصرة التي لعبت دوراً كبيراً في تعزيز التواصل بين الأفراد، إذ لا نجد هاتفاً محمولاً اليوم من دون التطبيقات التي تسمح بالتواصل عبر شبكة الإنترنت، وأصبحت هذه المواقع من المؤسسات البارزة التي تساهم في تربية الأفراد وإكسابهم سلوكيات وعادات سليمة، وقد اهتمت المؤسسات التربوية بهذه المواقع وعملت على استغلالها في تنمية وتعزيز القيم الإيجابية لدى الطلاب، حيث قامت المدارس بوضع الكثير من البرامج والأنشطة على هذه المواقع، حتى يستفيد الطلاب منها بدلاً من أن يضيعوا وقتهم بشيء لا فائدة منه، إذ أن عملية التعليم لا تقتصر فقط على تلقين الطلاب المناهج الدراسية فحسب، بل تلعب دوراً كبيراً في صقل وبناء شخصية الطالب، وبث روح المسؤولية وغرس روح الاحترام كقيمة تربوية(عوض، 2011(.

ويستفيد الطلاب من البرامج والأنشطة التي تتضمنها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للطالب أن يتفاعل مع الآخرين عن طريق هذه المواقع، ويقوم بإفادتهم والاستفادة منهم من خلال تبادل أنواع السلوك الإنساني بينهم، ويكتسب الطالب عن طريق هذه المواقع بعض الخبرات الإيجابية التي تجعله يشعر بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الآخرين، وتعتبر الأنشطة المختلفة التي يمارسها مستخدمو هذه المواقع من الأمور التي تعزز وتنمي المسؤولية وغرس روح الاحترام كقيمة تربوية، حيث تسمح لهم بممارسة فرص التَّعلم والقيام بواجباتهم الاجتماعية تجاه أسرهم وتجاه الآخرين(عوض، 2011(.

وتأسيساً على ما سبق، فإنه يمكن للمدرسة الثانوية الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في إنشاء شبكات تعاونية لتوطيد التفاهم والاحترام المتبادل وتعزيز الحوار، مع التركيز على الدور الحاسم والمهم الذي يضطلع به التعليم والإعلام في تعزيز الاحترام والتفاهم والتسامح من خلال خلق شراكات استراتيجية تعمل في نفس الاتجاه على تعزيز نشر ثقافة الاحترام و درء جميع أشكال التمييز والعنف.

أهم المبادرات والبرامج الدولية المقترحة لتعزيز نشر ثقافة الاحترام:

يهدف تعليم حقوق الإنسان في مرحلة ما قبل المدرسة وفي المرحلة الدنيا من المدارس الابتدائية إلى بناء مشاعر الثقة والاحترام للنفس وللغير. لذلك فإن الإجراءات الرامية إلى بناء ثقافة حقوق إنسان تحظى بالدعم من الوكالات المتخصصة والبرامج والصناديق التابعة للأمم المتحدة مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، والإدارات المختصة بالأمانة العامة للأمم المتحدة مثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. ومن التحديات المطروحة في جميع الدول جعل لغة حقوق الإنسان ومفاهيمها ميسورة ومرتبطة بالواقع، وقابلة للتطبيق على أوضاع الحياة الفعلية، ويرى القائمين على تعليم حقوق الإنسان، أنه ينبغي مراعاة تحسين نوعية المناهج الدراسية، وذلك من خلال شمولها على القيم الإنسانية التي تهدف إلى تحقيق السلام والتلاحم الاجتماعي واحترام حقوق وكرامة الإنسان. لذا لم تعد العالمية مجرد علاقات سياسية أو اقتصادية بل أصبحت سمة الحياة كلها في هذا العصر، خاصة مع التطور التكنولوجي وما صاحبه من عالمية الاتصال الدولي، وسرعة التقدم في أنظمة الاتصال والمعلومات، ولم يعد بإمكان دولة أن تظل منعزلة في إطار نظامها القيمي والثقافي ومعتقداتها الاجتماعية، فقد تراجعت الأيديولوجيات، وتهاوت الحدود الوطنية. (خليل، 2013) وترتب على ذلك ظهور العلاقات المتبادلة التي تفرض التفاهم والحوار والاحترام المتبادل بين الدول.

وقد تم استعراض مجموعة من المبادرات والبرامج الدولية المقترحة لتعزيز نشر ثقافة الاحترام من أهم تلك المبادرات والبرامج ما يلي:

أولاً: مبادرات اليونسكو:

تعمل اليونسكو على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أساس احترام القيم المشتركة من خلال هذا الحوار والتوصل إلى وضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة تتضمن التقيد بحقوق الإنسان والاحترام المتبادل وكل هذه قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها (اليونسكو، 2015).

ومن ضمن مبادرات منظمة اليونسكو أنها أصدرت مجموعة من القيم رأت أنها مشتركة بين الإنسانية كلها، وأطلقت عليها مسمى القيم النشيطة، ونادت بأن تتضمنها كل مناهج التعليم في العالم، وجاءت أول هذه القيم قيمة الاحترام.

كما دشنت اليونسكو في 18 من يناير/ كانون الثاني 2012 مع الولايات المتحدة والبرازيل وبالتعاون مع مجموعة من الخبراء الدوليين، وبمشاركة طلّاب من “مدرسة تولوود الثانوية” في فرجينيا بيتش (الولايات المتّحدة الأميركية) ومن “باغونكاكو”، وهو مركز تعليمي للشباب في سلفادور دي باهيا “البرازيل” مشروع (تعليم الاحترام للجميع)، وقد استمر مدة ثلاث سنوات، وهدفه تطوير المناهج التعليمية التي تعزز التعليم على العيش معاً في المؤسسة التعليمية، وجمع هذا الحدث ممثّلين من الحكومات وخبراء وتربويّين من مختلف أنحاء العالم.

ويتكوّن هذا المشروع من مرحلتين، الأولى تقوم بمراجعة مختلف المناهج والتشريعات والسياسات الموجودة بشأن التعليم من أجل التسامح، وتقوم بتحديد أفضل الممارسات في هذا المجال. وفي المرحلة الثانية يقوم المشروع بتطوير الموارد التعليمية والمناهج التي سيتم تنفيذها في البداية في عدد محدود من الدول الرائدة وتتاح بعد ذلك للجميع، ويتم توفير أدوات عملية حول كيفية دمج مكافحة التمييز وتعزيز التسامح في التعليم والكتب المدرسية، والمشروع في غاية الأهمية، فهو من أحدث المبادرات التي تقودها اليونسكو لتشجيع التعايش على أسس الاحترام والتسامح ومكافحة التمييز العنصري والعرقي.

ولتحقيق هذا الغرض، فإن المشروع قام بإعداد مجموعة من الخبراء المتخصصين في مكافحة العنصرية والتعليم من أجل التسامح وحقوق الإنسان، وتم إنشاء منصتين على الإنترنت، واحدة للمحترفين في مجال التعليم، والثانية مفتوحة للشباب؛ ليتمكنوا من تبادل الخبرات وتقديم الاقتراحات خلال مدة المشروع وقد تم التفاعل مع هاتين المنصتين من عدة دول بمشاريع ومبادرات عرضت على هيئة مقاطع فيديو أو أخبار مثل: لبنان والإمارات العربية المتحدة وباكستان والأرجنتين و البرتغال و غواتيمالا وسيراليون.

ولتعليم الاحترام للجميع دليل تنفيذ أعد لصانعي السياسات والمعلمين والمربين والعاملين في المدرسة، والطلاب وأولياء الأمور والمجتمعات المحلية. ويشمل الدليل المبادئ الرئيسية لصانعي السياسات ومديري المدارس ومديري المنظمات غير الحكومية، والمواد التعليمية للمعلمين (التعليم النظامي وغير النظامي) من خلال مجموعة من الأسئلة المحددة وأنشطة التعلم، ويدعو المستخدمين أيضا لتحليل ومواجهة التحيزات الخاصة ويتم تشجيعهم على التفكير ملياً في الإجراءات الممكنة للمساهمة في الجهود الرامية إلى تحقيق الاحترام للجميع في وعن طريق التعليم، وهو مكون من أربعة أجزاء هي:

الجزء1- مجموعة من “المبادئ الأساسية” لصانعي السياسات .

الجزء2- مجموعة من “المبادئ الأساسية” لمديري المدارس ومديري المنظمات غير الحكومية.

الجزء3- المواد الداعمة للتعليم والتعلم دليل للمعلمين.

الجزء4- دعم المواد اللازمة للتعامل مع الأطفال والشباب.

ودليل التنفيذ يمكن أن يتكيف مع أي سياق بناء على احتياجات كل بلد والخلفية الثقافية له، وقد تم تجريب الدليل في البرازيل، وكوت ديفوار، وغواتيمالا، وإندونيسيا، وكينيا وجنوب أفريقيا. كما تم توجيه مشروع “تعليم احترام الجميع” إلى المشروع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية ليكون مساعداً في الجهود الرامية في حل النزاعات، والعصبية في ظل التنوع والتعددية الثقافية (اليونسكو، 2012).

وفي ذات السياق، اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” مؤخراً، قراراً دولياً بتأسيس “ثقافة الاحترام”، والذي بادر باقتراحه د. زياد الدريس – سفير المملكة العربية السعودية لدى “اليونسكو”- بصفته رئيس الخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية، قبل أكثر من عام، واستطاع حشد دعم عدد كافٍ من الدول الأعضاء له، وصدّق المجلس التنفيذي لـ”اليونسكو” في دورته التاسعة والتسعين بعد المئة على مشروع القرار الذي يدعو إلى الارتقاء بمساهمات المنظمة الدولية لتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل (اليونسكو، 2017).

ثانياً: مبادرة منظمة الأمم المتحدة:

أطلقت الأمم المتحدة حملة (معــا ً) لتعزيز التسامح والاحترام والكرامة في جميع أنحاء العالم. و”معا” هي حملة أممية لتعزيز الاحترام والسلام والكرامة للاجئين والمهاجرين. دشنت الحملة في أيلول/سبتمبر 2016 بهدف التصدي لتزايد التمييز وكره الأجانب.

و ’’معا‘‘ هي تحالف نام بين الدول الأعضاء والقطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني والأفراد الملتزمين بتغيير النظرة السلبية للهدرة وتعزيز الوئام الاجتماعي بين اللاجئين والمهاجرين والمجتمعات المضيفة لهم)الأمم المتحدة، 2017).

ثالثاً: مبادرة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو):

دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) المؤسسات الحكومية الثقافية في الدول الأعضاء إلى احتـرام التنوع الثقافي وتعزيز الحوار بين الثقافات لدعم التنمية الشاملة المستدامة، حيث أصدرت الإيسيسكو عام 2004 الإعلان الإسلامي حول التنوع الثقافي الذي ينص على الاعتراف بتنوع الثقافات وتعددها، وخصوصيات كل ثقافة، وتشجيع الحوار بينها في إطار الاحترام المتبادل (الإيسيسكو، 2017).

المدرسة الثانوية ودورها في تعزيز نشر ثقافة الاحترام:

إن عملية التربية هي عملية خلقية هدفها الأول الارتقاء بشخيصة الفرد وخبرة الجماعة والسعي لتحقيق الكمال الخلقي والنضج الشخصي إلى جانب المهارة العلمية والعملية، ولقد عاد العالم إلى الاهتمام بعلم الاخلاق في التربية اعترافا بأهمية هذا الجانب في شخصية الإنسان وبأن القيم والأخلاق أساس من الأسس التي يبنى عليها المجتمع السليم، فالجوانب الثقافية والروحية في التربية اكثر اهمية من الجوانب الأكاديمية خاصة في المراحل التعليمية الاولى، وللمدارس وظائف اخرى بالإضافة إلى لتعليم مثل التأديب والتربية الخلقية فالمعلمون مرشدون للأطفال في حياتهم اليومية حتى خارج المدرسة، وما أكدت عليه اليابان في أنظمتها التعليمية لهو خير دليل على ذلك حيث تشير المادة الأولى من القانون الأساسي للتعليم في اليابان على أن التعليم يستهدف كمال كل فرد، وأن ينشئ مواطنين يابانيين أصحاء عقلياً وجسمياً يوفرون الحقيقة والعدل ويحترمون القيم ويعتبرون العمل والاحترام والمسؤولية مصدر فخر، وأن يكون لديهم اتجاه إيجابي نحو بلد ومجتمع مسالم. لذا يعتبر الخلق هو المفهوم المحوري في التعليم في اليابان بمعنى أن الأنشطة التي تستهدف الخلق و بناءه وتمامه هي التي تعتبر تعليماً بينما تلك التي تستهدف المعرفة والمهارات تعتبر تدريباً، واحترام التعليم في اليابان للقيم الروحية والخاصة تعتبر أبرز الملامح الرئيسية لهذا التعليم. ولذا أعطت اليابان أولوية للتعليم الابتدائي مقارنة بالمستويات الأخرى(الثانوي والعالي) بسبب وعي اليابانيين بأن التحسن في المستوى التربوي وما يتضمنه من قيم وأخلاق أكثر أهمية من التطور أو النمو الاقتصادي والتكنولوجي في المستقبل وأن ذلك سوف يحقق ثماراً أفضل على المدى البعيد باعتبار أن القيم والأخلاق تمثل السياج الذي يحمي العلم وينمي المجتمع.(العصيمي، 1436هـ)

وحيث إن تنشئة الطفل وتربيته على الاعتزاز بالهوية وعلى الشعور بالانتماء الحضاري والإنساني مع التشبع بثقافة التآخي، والتسامح، واحترام وحب الآخرين، والانفتاح على المجتمعات الأخرى، ونبذ التعصب بجميع أشكاله الدينية، والمذهبية، والطائفية، والعرقية هي مسؤولية الحاضنة الأولى للطفل أي الأسرة ومن ثم المدرسة والمجتمع. ولتحقيق هذا الهدف ينبغي على الأسرة والمدرسة بصورة خاصة والمجتمع بصورة عامة التركيز على تكوين شخصية استقلالية معتزة بنفسها وصادقة وواثقة ومتواضعة وبعيدة عن التعصب بجميع أشكاله(خليل، 2005). ويرى الباحثان أن التربية على الاحترام تبدأ بترويض النفس وتدريبها على التواضع وتقبل الآخرين لتصل إلى قناعة حتمية احترام الذات أولاً ثم احترام الآخرين و يأتي دور الأسرة أول مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتي تتضافر جهودها مع المدرسة وتتوسع المهمة لمؤسسات المجتمع بما فيها وسائل الإعلام.

وبما أن المدرسة هي المؤسسة الاجتماعية التي أوكل المجتمع إليها مهمة تشكيل الأجيال من خلال وسائطها المتعددة من معلم، وكتاب مدرسي وجو اجتماعي. إلا أنها تُعد من أهم المؤسسات التربوية عناية بالقيم، حيث تهتم المناهج بما فيها من دروس وأنشطة متعددة بإيصال القيم وتوصيلها إلى التلاميذ. ويكون التأثير أقوى كلما كانت الأساليب ناجحة وطرق التدريس قائمة على أسس سليمة وحديثة، يقوم بها معلومات حكماء ومربون ناجحون يعرفون كيف ينمون القيم ويعززونها في نفوس الناشئة (عبيدات، 2015).

كما أن المدرسة منظومة اجتماعية ومؤسسة تربوية هامة، لها فاعلية وأهمية كبيرة تجعل الحكومات والمجتمعات المحلية تعتمد عليها كاستثمار بشري وتنمية وطنية مستقبلية واعدة. حيث أشار ديفز Davies)) إلى أن هنالك “علاقة قائمة بين المدارس والأسر والمؤسسات والهيئات المجتمعية على اختلاف أشكالها تشكل مجموعة من مجالات التأثير المتداخلة، وهي تمثل الوحدات الاجتماعية الأساسية الأكثر فاعلية”)الشرعي، 2007، 1(.

لذا تلعب المدرسة دوراً كبيراً وفعالاً في تنمية وتعزيز بعض المفاهيم لدى الطلاب، فهي من المؤسسات المجتمعية التي لها دور كبير في المجتمع، حيث يتمحور دورها حول صقل وإعداد شخصية الطلاب، إذ يمكن للمدرسة أن تغرس وتعزز الكثير من المفاهيم المؤثرة على الطالب وعلى رأسها مفهوم ثقافة الاحترام (التركي، 2007(.

ويرى الباحثان أنه يجب على المدرسة –بشكل عام- والمدرسة الثانوية –بشكل خاص- أن تجمع بين التربية والتعليم فكما أن الجانب المعرفي ضروري فكذلك الجانب السلوكي ضروري، فكما يتعلم الطفل اللغة والحساب فكذلك يجب أن يتعلم النظافة، والانضباط، والجماعية، والمنافسة الشريفة، والاحترام، والتواصل وسواها من القضايا التربوية التي يكتسبها من خلال المحاكاة، وبالتالي في هذا الجانب تتداخل أدوار المدرسة والبيت في تماهي كبير، ويكمل بعضهما البعض وبإغفال هذا الجانب تحدث الكوارث، فعندما يقوم المعلم بتعليم النشء على الصدق واحترام الآخر فإن تفشي الكذب وعدم الاحترام في البيت سيحطم هذا المبدأ مباشرة.

ومما سبق، يمكن استنتاج أن تطبيق مبدأ مفهوم الاحترام في المدرسة الثانوية له أهمية كبيرة تنعكس على الطلاب والمعلمين وعلى المجتمع المحلي، وعلى المدرسة نفسها ومرافقها وبنيتها التحتية، بالإضافة إلى أن التغيرات التي يشهدها العصر الحالي المتمثلة في العولمة، والثورة المعلوماتية، والتطور البحثي وغيرها، قد أوجبت العناية بتنمية قيمة الاحترام عند المجتمع المدرسي، ومن هذا المنطلق، سوف يركز البحث الحالي على التعرف على دور المدرسة الثانوية في تعزيز نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة من خلال إبراز دور سياسة المدرسة، والمعلم، ووسائل وأساليب التدريس، والمناهج الدراسية وإيجاد تصور مقترح لتعزيزه وذلك على النحو التالي:

أولاً: دور سياسة المدرسة الثانوية في تعزيز نشر ثقافة الاحترام:

إن من أرقى صور التعليم ممارسة التربية الديمقراطية في الفصول الدراسية وكافة أقسام البيئة المدرسية لأن هذه التربية ستساعد الطلبة في معرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه المجتمع، فالتعليم الكلاسيكي القائم على التلقين لم يشجع الطلبة في كثير من الأحيان على احترام حقوق الآخرين في الوقت الذي يؤكد فيه التعليم الحديث أن التنمية الأخلاقية والاجتماعية والثقافية للطلبة تمكنهم من القيام بأدوارهم في المجتمع عبر احترام الاختلافات الدينية والمذهبية والقومية العرقية وما شابه ذلك (حبيب، 2012). إذاً فالتربية الديمقراطية تساعد على تعزيز قيمة الاحترام لدى الطلبة. حيث عملت دراسة (Solis، kttan&Lopez، 2009) على تطبيق برنامج تعليم يدرس فيه التنشئة الاجتماعية للاحترام والمعرفة في أحد فصول العلوم متكاملة العنصرية في مدرسة لاباز الابتدائية شمال كاليفورنيا لمدة 3سنوات ويهدف البرنامج إلى تعزيز سلوك الاحترام المتبادل والمساءلة والتعاون والمشاركة على قدم المساواة بين الطلاب والمعلمين، وكان من أبرز النتائج أن هذا البرنامج استطاع وضع قواعد للسلوك والاحترام حيث خلق فرص منتجة للتنشئة الاجتماعية في الفصول الدراسية من خلال تطبيقه على المناهج الدراسية، كما استبدل سياسة ديمقراطية المدارس بدل الهرمية المؤسسية للسلطة.

ويبنى تعليم الاحترام على أربعة أركان يدرس على أساسها التلاميذ وهي:

1-      فهم الآخر واحترامه:

  • يجب أن يدرك التلاميذ أن الآخر هو بشر صنعه الخالق لذلك يحترم رأيه ولا يستهزئ به حتى وإن رأى مدى صحة رأيه ووجاهته أمام هذا الآخر.
  • يعلم التلاميذ احترام خصوصية وحرية وحقوق الآخرين فلا يعتدي عليها أبداً.
  • حين يحدث هناك اختلاف في السلوكيات من الآخر يجب أن يعلم التلميذ أن وراء هذه السلوكيات مشاعر ومخاوف وتعليم وتربية مختلفة تجعله يسلك مثل هذه السلوكيات.

2-      التعايش:

  • عندما يتفهم التلاميذ الآخرين ويحترمون عقيدتهم وعقليتهم وأفكارهم يبادلونهم هذا الفهم فيستطيع المجتمع أن يتعايش معاً بكل أطيافه وكل أفكاره وكل عقائده.

3-      الاعتذار عن الخطأ:

  • يجب أن يفهم التلميذ بأنه ليس أفضل الناس ولا أحكمهم ولا أحسنهم فهناك من هو أفضل منه، وهذا ينمي قيمة التواضع لديه.
  • أن يبادر التلميذ بالاعتذار الحقيقي وعدم إعادة الكرة والتعلم من الخطأ ومحاولة النظر من جانب الآخر ووضع نفسه مكانه.

4-      التسامح والعفو:

  • يعلم الطالب أنه إذا أسيء له بدون قصد فليسامح وليعف وله الحق بأن يعاتب وإذا أسيء له بقصد وجاء المعتذر طالباً الصفح وعازماً على عدم تكرار الخطأ فليعف وليصفح لأن ذلك يولد الاحترام ليعيش الناس بسلام ولا يكون هناك مجال للضغائن والأحقاد (خليل، 2005).

عليه يمكن القول، بأنه باكتمال هذه الأركان الأربعة تشَّيد قيمة الاحترام للآخرين في نفوس الطلاب الذين هم جيل المستقبل وتربيتهم على الاحترام ستشرق ساطعة في أرجاء المجتمع ليعيش أفراده بأمان وسلام.

ثانياً: دور المعلم في تعزيز نشر ثقافة الاحترام:

إن أهمية الاحترام تكمن في خلق البيئة التربوية المناسبة التي تحقق مزيداً من فهم التلاميذ واستيعابهم. ومن التفاعل بين التلميذ والمعلم فتزايد الاحترام من جانب المعلم لتلاميذه يترتب عليه زيادة اهتمام التلاميذ بالعمل المدرسي وزيادة ابتكاراتهم وكفاءاتهم في التحصيل الدراسي، لذلك فالاحترام يعد من أهم مرتكزات العمل التربوي، لذا ينبغي على المعلمين والإداريين في المدرسة أن يتبعوا الخطوات الآتية ليكونوا قدوة في احترام الآخرين:

  1. السلوك: دائماً يحب الإنسان أن يحصل على أفضل معاملة، ولا يحصل عليها إلا إذا كان حسن السلوك فيجب أن يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به، لذلك على المعلمين والإداريين أن يظهروا أفضل ما لديهم من حسن السلوك ليقابلهم الطلاب بالمثل.
  2. العدل والمساواة: النظر إلى الطلاب جميعاً بعين المساواة فلا يفضل الطلاب على بعضهم لأسباب معروفة وغير معروفة، وإنما يكون أساس التفضيل هو الإنجاز والتفوق فالطالب الذي ينجز هو الذي يحظى بالتميز.
  3. احترام القوانين:يجب أن يحترم الجميع القواعد والقوانين المفروضة في المدرسة حتى يتعلم الطلاب احترام القوانين خارج المدرسة.
  4. احترام الاختلاف: يجب أن يحترم المعلم الاختلاف وإذا اختلف يكون بطريقة إيجابية وليست بطريقة ازدراء الطلاب و تقريعهم أو قمع آرائهم.

ويرى الباحثان أن دور المعلم في المدرسة الثانوية من أهم الأدوار في العملية التعليمية لما له من تأثير فعال في تنمية وغرس قيمة الاحترام باعتباره قدوة للتلميذ وهو من يملي عليه الأفكار والتعليمات فإذا كان المعلم يطبق ما يقول فإن توجيهاته سيكون لها القبول بل سيكون محفزا دافعاً للإبداع لدى التلميذ لأن الإحساس بالاحترام يولد لديه الثقة بالنفس والثقة بمعلمه والشعور بالأمان والاستقرار. ومن المبادرات التي ساهمت في تعزيز نشر ثقافة الاحترام لدى التلاميذ دولياً، مبادر المنظمة العالمية لاتحاد نقابة المهن التعليمية عام 1976م، حيث أعلنت الموافقة على عدة توصيات من أجل إقامة المجتمع الدولي أو الجماعة الدولية من أهمها ما يلي:

  • تشجيع المناقشات المفتوحة التي تمكن التلاميذ أو الطلاب من التعبير عن آرائهم واحترام آراء الآخرين.
  • دعم العدالة الاجتماعية بين التلاميذ أو الطلاب جميعاً في مدارسهم وفي الفصول الدراسية ومجمعاتهم المحلية.
  • تأكيد مفهوم التربية الدولية في برامج إعداد المعلمين حتى يتم تحقيق هذا المفهوم لدى تلاميذهم أو طلابهم.
  • يجب أن يبتعد المعلمون عن التعصب والتحيز لبعض الأفراد أثناء التدريس وإعطاء فرص متكافئة لكل التلاميذ أو الطلاب، الأمر الذي يساعدهم على فهم دورهم في المجتمع والقيام به على أكمل وجه ومن هنا تظهر قدرتهم في الإبداع والابتكار (خليل، 2013).

ثالثاً: دور وسائل وأساليب التدريس في تعزيز نشر ثقافة الاحترام:

تعليم الاحترام يجب يبدأ من المراحل الأولى للتلاميذ وينمو مع نمو ذاكرتهم وفهمهم، لذا لا بد أن تناسب وسائل وأساليب التدريس تعليم الاحترام في المراحل المبكرة مع عمرهم وإدراكهم لذلك، فاللعب سيكون مناسباً لمرحلتهم و وينبغي أن تكون قواعد اللعبة تعزز قيمة الاحترام، ومع تقدم المراحل يحتاج تعليم الاحترام إلى أساليب تدريسية تترجم المناهج إلى واقع ملموس، وأفضل الطرق لتعليم قيمة الاحترام هي اعتماد مدخل التَّعلم النشط، أي برصدها وتصميمها في أنشطة تعليمية تعلمية عبر الدمج والتكامل مع كافة المواد الدراسية، وطريقة التَّعلم التعاوني، التَّعلم الذاتي، وطريقة سرد القصص المعززة للاحترام وطريقة لعب الأدوار، وأيضاً من خلال تصميمها في مواقف يتم تمريرها عبر المنهج الموازي غير الرسمي، أي من خلال الأنشطة المدرسية غير الصفية.

وفي هذا السياق أجريت دراسة (Chongruksa & Wadeng، 2010) لتطبيق برنامج للتفاهم بين الثقافات المتعددة والاحترام المتبادل بين الطلاب التايلاندية البوذية والتايلاندية المسلمين بسبب الاضطرابات في أربع محافظات في أقصى جنوب تايلاند فاتسعت فجوة عدم الثقة والتعصب بين تايلاند البوذيين وتايلاند المسلمين، وبحثت هذه الدراسة فعالية برنامج القصص على فهم الثقافات والاحترام المتبادل بين الطلاب من اثنين من المجموعات العرقية، وافترض الباحثون أن برنامج القصص الاستراتيجي، والذي تضمن عوامل الاتصال عدم الإخلال بالحقوق والجماعات، من شأنه أن يعزز التفاهم بين الثقافات المتعددة والاحترام المتبادل بين الطلبة التايلانديين البوذيين والمسلمين التايلانديين، وأظهرت هذه الدراسة أن تدخل المدرسة من خلال برنامج القصص فعال ومناسب ثقافياً وكان له أثر واضح في تعزيز التفاهم بين الثقافات المتعددة والاحترام المتبادل بين الطلاب التايلاندية البوذية والتايلاندية المسلمين، ويعود نجاح البرنامج لعدد من الأسباب منها:

  • اختيار المناسب من القصص التايلندية الإسلامية والتايلندية البوذية .
  • تصميم الأنشطة الصفية التي تركز على عدم التحامل وتعتمد على التعلم التعاوني والأهداف المشتركة وإدراك أوجه الشبه بدلاً من الخلافات والهوية الثقافية والتقدير والوعي الذاتي واحترام الإدراك الذاتي في فهم أحاسيسهم.
  • ديمقراطية الاحترام والإنصاف في تقديم المشورة من علماء النفس والمعلمين في التوجيه أثناء إجراء التجربة.

رابعاً: تضمين المناهج الدراسية لثقافة الاحترام:

وعن أفضل الطرق لصياغة قيمة الاحترام في المقررات التعليمية: هناك ثلاث طرق لعرض القيم والأخلاق بما فيها الاحترام في المناهج الدراسية:

الطريقة الأولى: تتم من خلال تصميم مناهج منفصلة يتم تدريس القيم من خلالها، بما فيها الاحترام، بمعنى أن يكون هناك منهاج خاص بالموضوعات القيمة والأخلاقية المرغوبة يخصص له جزء من الجدول الدراسي.

 الطريقة الثانية: من خلال اعتماد منهج الدمج أو التعليم غير المباشر والذي يتم من خلال ما تحتويه المقررات الدراسية المختلفة من موضوعات يتعلم من خلالها التلميذ قيمة الاحترام بصورة عرضية، ومن خلال مداخل متعددة وهي الطريقة الشائعة لتناول القضايا القيمية والأخلاقية. ويرى الباحثان أن هذه الطريقة هي الأفضل بحيث لا يتم تخصيص مقرر خاص لها، كما يشترك جميع معلمي المناهج المختلفة في أداء هذه الرسالة فيتلقى التلاميذ الاحترام من جميع معلميه مما يعزز مصداقية وثبات هذه القيمة في نفسه.

الطريقة الثالثة: أن يتم تضمينها وصياغتها من خلال ما يسمى “بالمنهج المستتر Hidden Curriculum”، وهو ما يقدم للتلاميذ من معلومات وممارسة وسلوكيات بطريقة غير مباشرة، وغير مقصودة أحياناً ودون أن يكون لذلك خطة محددة، أو محتوى أو مقرر منفصل. فالمعلم هنا ومعه المدير وكل العاملين هم القدوة، التي يتعلم منها التلاميذ كالاهتمام بالمظهر وأساليب التحدث والمعاملات مع الناس والتصرفات في المواقف المختلفة، ويتعلم الصواب والخطأ، والحلال والحرام، أي يتعلم القيم والأخلاق بما فيها الاحترام (العصيمي، 1436هـ).

5-     نتائج الدراسة:

يمكن تلخيص النتائج في النقاط الآتية:

  • أن للمؤسسات التربوية وفي مقدمتها المدرسة دور فاعل ومهم في تعزيز نشر ثقافة الاحترام في نفوس النشء ويتضح ذلك الدور من خلال:(المنهج – المعلم- سياسة المدرسة- وسائل وأساليب التدريس).
  • سعت العديد من المنظمات العالمية لتعزيز نشر ثقافة الاحترام من خلال تبني العديد من البرامج والمبادرات العالمية التي شجعت على ذلك مثل اطلاق مبادرة (معاً) والتي هدفت إلى تعزيز التسامح والاحترام والكرامة في جميع أنحاء العالم.
  • يمكن للمدرسة الثانوية الاستفادة بمستوى عالي من مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء شبكات تعاونية لتوطيد التفاهم والاحترام المتبادل وتعزيز الحوار.
  • للمناهج دور في تعزيز وغرس روح الاحترام من خلال مفردات المنهج فتظهر لغة الخطاب الموجهة للتلميذ، وتظهر في الأنشطة المتعلقة في كل وحدة ومادة سواء الأنشطة الصفية أو البيتية في الأسئلة التي تطرحها المادة في النصوص التي تحتوي عليها المادة .
  • يلعب المعلم دوراً كبيراً في تعزيز ونشر ثقافة الاحترام في نفوس تلاميذه ولعل تعامله اليومي مع تلاميذه هو الأساس وفي ذلك.
  • هناك العديد من طرائق التدريس التي تعزز ثقافة الاحترام ومن أهمها الطرائق المتمركزة حول التلميذ كالتعليم القائم على الحوار – التعليم التعاوني، التعليم الذاتي، لعب الأدوار.

ومن خلال النتائج السابقة وما تم تناوله في الإطار النظري لهذا البحث، يجب التأكيد على أهمية مراجعة أهداف التعليم المدرسي الثانوي بشكل دوري ومستمر وبحسب ما يستجد من تغيرات ومعطيات. لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة.

فمن حيث المناهج الدراسية، يجب أن تقوم المناهج الدراسية على تكامل المعرفة وأن تعطي اهتماما اكبر بالتطبيق والممارسة وأن تكون متوافقة مع ثقافة المجتمع الإسلامي حيث أكدت دراسة (الهندي، 2001) على أهمية بناء المناهج الدراسية بما يكفل تضمين القيم الاجتماعية لعناصر المنهاج من حيث المحتوى والأنشطة التعليمية ودراسة (حلس، 2010) والتي أوصت بضرورة إعادة النظر في بناء المناهج وبرامج الأطفال في مختلف المراحل الدراسية وفق منحنى إسلامي قيمي يقوم على التحديد المسبق والواضح للقيم التي تصلح أن تكون أساساً للمنهج في مراحل التعليم العام.

أما من ناحية وسائل وأساليب التدريس، فيجب أن تحرص المدرسة الثانوية على توفير وتهيئة الأساليب والوسائل المناسبة وإكساب جميع المنتمين إليها ثقافة التعامل الأمثل مع الأساليب والوسائل الحديثة من خلال عمل دورات تدريبية لتطوير طرق التدريس ليتواكب مع التربية على القيم مثل التعليم التعاوني- حل المشكلات- التعليم البنائي- الألعاب التعليمية- التعليم الذاتي- التعليم العلاجي، الأسلوب القصصي.

وفي مجال سياسة المدرسة، فيجب أن تعتمد سياسة المدرسة على أسلوب الإدارة الحديث من حيث تنمية الإبداع وتشجيع المبدعين ومساعدة الطلاب في اكتساب خبرات ومهارات تؤهلهم للابتعاد عن التعصب ونبذ الأخرين وحب قيمة الاحترام وذلك من خلال إقامة المعارض والنشطة الطلابية والمسابقات التثقيفية بالمدرسة حيث أكدت دراسة (مرتجى، 2004) على أهمية حث المدرسة الثانوية على الإكثار من الأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية التي تدعم القيم الاخلاقية وغرسها لدى الطلاب، وأوصت دراسة (حماد، 2015) على ضرورة تبني المدراس برامج إعلامية تدعم صندوق قيم مبادرة الاحترام والانضباط.

كما تجدر الإشارة إلى ضرورة أن يعي المعلمون في مقابل التغيرات المعاصرة أهمية الدور المناط بهم من خلال مساعدة الطلاب في تعزيز منظومة القيم الإيجابية لديهم ورفض السلوكيات غير المرغوبة دخل المدرسة وخارجها وأن يكونوا قدوات لهم من خلال تطبيق القيم والاخلاق الفاضلة، حيث أوصت دراسة (مرتجى، 2004) على ضرورة اختيار المعلمين القدوات لنشر الأخلاق والفضائل وغرسها في نفوس الطلبة.

تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة:

إجابة على التساؤل الرابع من تساؤلات البحث سيتم تقديم تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة. وبناءً على مجموعة من المرتكزات:

أولاً: مسمى التصور:

 تصور مقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة.

ثانياً: فلسفة التصور المقترح:

إن فلسفة التصور المقترح تنطلق من الواقع الحالي لأهمية نشر ثقافة الاحترام بين الأفراد والمجتمعات والدور الاستراتيجي والمهم للمدرسة ومدى قدرتها على تعزيز ونشر ثقافة الاحترام وخاصةً في ضوء التغيرات العالمية المعاصرة التي يعيشها العالم اليوم.

ثالثاً: مرتكزات التصور المقترح:

هناك العديد من المرتكزات التي تم الاعتماد عليها في طرح التصور المقترح لتعزيز دور المدرسة الثانوية في نشر ثقافة الاحترام في ضوء التغيرات المعاصرة ومن أبرز تلك المرتكزات:

  • انطلاقاً من قضية أهمية تعليم القيم، حيث إن هناك العديد من الآراء والمؤتمرات والندوات التي تطالب بالاهتمام بمنظومة القيم لدى النشء بوصفها أساس وجوهر الوجود الإنساني.
  • الحاجة الماسة اليوم إلى الاهتمام بتعديل السلوك الأخلاقي وترسيخ معايير وقيم الاحترام والفضيلة والرقابة الذاتية لدى الإنسان.
  • انطلاقاً من مبدأ أن المؤسسات التربوية اليوم بكافة أشكالها وفي مقدمتها (المدرسة) القادرة على تعليم القيم الإيجابية وترسيخها وتعزيزها في أذهان الناشئة وتطبيقها على أرض الواقع من خلال القدوة.
  • الأدبيات والدراسات المتعلقة بفلسفة المدرسة في تعزيز منظومة القيم في المجتمع.
  • صدور العديد من البرامج والمبادرات الدولية التي تؤكد على أهمية نشر ثقافة الاحترام.

رابعاً: أهداف التصور المقترح:

  • يهدف التصور المقترح إلى زيادة فاعلية المؤسسات التربوية وفي مقدمتها المدرسة على تربية النشء على قيم ومبادئ الإسلام ومنها قيم الاحترام.
  • إبراز دور العناصر المختلفة المكونة للمدرسة في نشر الاحترام لدى النشء.
  • طرح الوسائل والأساليب التي يمكن من خلالها تحقيق التوعية بأهمية قيمة الاحترام.

خامساً: محتوى التصور المقترح:

في ضوء أهداف التصور المقترح تم التوصل إلى محتوى التصور المقترح ويعتبر هذا التصور بمثابة توصيات للبحث، كما يلي:

  • مساعدة الطلاب في اكتساب خبرات ومهارات تؤهلهم للابتعاد عن التعصب ونبذ الآخرين وحب قيمة الاحترام وذلك من خلال إقامة المعارض والنشطة الطلابية والمسابقات التثقيفية بالمدرسة.
  • إنشاء وتطوير برامج إرشادية تواكب متغيرات العصر الحالي لإبراز أهمية وقيمة الاحترام بين المجتمعات منبثقة من طبيعة التلميذ وطبيعة المجتمع وطبيعة المعرفة وطبيعة القيم.
  • المتابعة المستمرة لسلوك الطلاب في المدرسة من خلال تصميم أنظمة الإلكترونية تواكب التغيرات المعاصرة وتعمل على تعزيز سلوكيات واخلاقيات الطلاب وعمل على تعزيز القيم الإسلامية السليمة والتي منها تعليم ثقافة الاحترام.
  • تطبيق مبدأ الشراكة المجتمعية من الخلال الشراكة بين المدرسة والأسرة وذلك بالتواصل المستمر بالزيارات الميدانية أو من خلال منصات الإلكترونية يمكن التواصل فيها بين المدرسة وأسرة الطالب من أجل تعزيز قيمة تعليم ثقافة الاحترام.
  • العمل الجاد والمخلص والمستمر في تنمية مواهب ومهارات الطلاب ومتابعة اوضاعهم الاجتماعية الاقتصادية والنفسية والصحية ومعرفة أسباب توترهم من أجل وضع التشخيص المناسب والذي يكون له دور في تعزيز والتعريف بأهمية تعليم ثقافة الاحترام.
  • التعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي على اختلاف مجالاتها من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات التثقيفية والتي ترفع من درجة توعية الطلاب بأهمية ومكانة تعليم ثقافة الاحترام.
  • التعاون من المنظمات والهيئات العالمية من أجل تقديد برامج ومبادرات جديدة تتوافق مع متغيرات العصر تسهم في تأصيل مبدأ تعليم ثقافة احترام الأخر.
  • الاهتمام بالأنشطة الصفية والغير صفية من خلال توجيه طاقات الطلاب نحو النشاط المنتج وتشجيعهم نحو مبدأ العمل التعاوني والحوار والاحترام مع الأخر.
  • نشر ثقافة الاحترام داخل المدرسة من خلال تعميق مبدأ الاحترام المفتوح والمتبادل بين كافة مكونات البشرية داخلها (المعلم، والمتعلم، ولإدارة المدرسية، والمرشد الطلابي).
  • إعادة النظر في وضع المناهج والبرامج في مختلف المراحل والمواد الدراسية وبناءها على أساس قيمي ويقوم على تحديد القيم التي تصلح أن تكون أساساً للمنهج.
  • عمل معايير علمية مدروسة لاختيار القيم التي تصلح لتربية النشء في مراحل التعليم العام.
  • إشراك أركان العملية التعليمية من معلمين وأولياء أمور الطلاب والطلاب أنفسهم في بناء وتطوير المناهج حتى لا يشعر الطالب والمعلم بالغربة وبالتالي تطغى التسلطية في العملية التعليمية، ويعزز الديمقراطية التي تفضي إلى الاحترام.
  • عمل دورات تدريبية لتطوير طرق التدريس ليتواكب مع التربية على القيم مثل التعليم التعاوني- حل المشكلات- التعليم البنائي- الألعاب التعليمية- التعليم الذاتي- التعليم العلاجي، الأسلوب القصصي.
  • توفير أدلة إرشادية للمعلمين ولإدارة المدرسة تساعدهم في التعامل مع المشكلات الطلابية بما يحفظ لهم كرامتهم وينمي الاحترام لديهم حتى في حالة وقوع المشكلات.
  • عمل دورات لتنمية القيم تستهدف الطلاب، وتكون داخل المدرسة أو خارجها ويفضل دمجهم مع المدارس الأخرى ليخدم غاية تعميم الاحترام على أوسع نطاق ممكن.
  • يجب التركيز في إعداد المعلمين على بناء المهارات الاجتماعية لديهم مثل: مهارة القيادة- مهارة حل المشكلات- مهارة الاتصال- النشاط الطلابي وإدارته وغير ذلك من المهارات التي تساعد في غرس هذه القيمة.

سادساً: معوقات تطبيق التصور المقترح:

  • قلة الدعم المادي للمدرسة لنشر برامج وتنفيذ أنشطة تساعد على تعزيز ونشر ثقافة الاحترام.
  • ضعف اهتمام قيادات المؤسسات التربوية بشكل –عام- ومدراء المدراس بشكل –خاص- بأهمية تعزيز ونشر ثقافة الاحترام في المدرسة والوسط المحيط بها.
  • الاكتفاء بالجانب النظري من اجل تعزيز ثقافة الاحترام دون التطرق للتطبيق الميداني وعلى الشكل الصحيح.
  • ضعف الشراكة المجتمعية بين المدرسة والأسرة في تعزيز ونشر ثقافة الاحترام.

6- الدراسات المقترحة:

  • إجراء دراسة مماثله لهذا البحث مع اختلاف التطبيق على المدرسة الابتدائية والمتوسطة.
  • إجراء دراسة كشفية لمعرفة واقع طرق التدريس المتبعة في التعليم العام ومدى فاعليتها في تنمية الاحترام.
  • إجراء دراسة تحليل محتوى للمناهج الدراسية للتعرف على مدى تضمينها لقيمة الاحترام.
  • إجراء دراسة ميدانية للتعرف على تأثير وسائل الإعلام في تنمية وغرس روح الاحترام.
  • إجراء دراسة ميدانية لمعرفة مدى إسهام المعلمين في تعزيز ثقافة الاحترام.

قائمة المراجع والمصادر:

أولاً: المراجع العربية:

  • التركي، منصور سلطان (2007). النشاط المدرسي الصفي يقلص ساعات الخطر. مجلة المعرفة، العدد (148)، ص 18-19.
  • ثابت، إبراهيم محمد (2012). درجة فاعلية برنامج مبادرة الاحترام والانضباط في تعديل سلوك طلبة مدارس وكالة الغوث الدولية بمحافظة غزة وسبل تطويره، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، غزة.
  • الجلاد، ماجد زكي.(1435هـ). المرشد العملي للتربية على القيم، مؤسسة قمم المعرفة للنشر، المملكة العربية السعودية، جدة.
  • جمعة، علي.(2009).الاحترام، جريدة الأهرام، ع(44786)، مصر. متوفر على الرابط: ahram.org.eg استرجع بتاريخ 20/3/1437هـ.
  • حبيب، فاضل.(2012).التعلم من أجل الاحترام، جريدة الوسط البحرينية، ع(3452)، متوفر على الرابط: alwasatnews.com استرجع بتاريخ14/3/1437هـ.
  • الحسين، عزي.(2014).الأسرة ودورها في تنمية القيم الاجتماعية لدى الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بوسعادة، الجزائر.
  • حلس، داود درويش (2010). الشعور بالمسؤولية وغرس روح الاحترام كقيمة تربوية أحد أساليب تنمية الإبداع لدى الطفل، ورقة عمل مقدمة للجمعية الفلسطينية للعلوم التربوية والنفسية. متوفر على الرابط iugaza.edu.ps/dhelles/files/2010/02/3254.docاسترجع بتاريخ 20/12/2017
  • حماد، شريف علي (2015). مستوى إسهام الإعلام التربوي في تعزيز صندوق قيم مبادرة الاحترام والانضباط لدى طلاب مدارس وكالة الغوث الدولية بقطاع غزة. مجلة البحوث والدراسات الإنسانية الفلسطينية، العدد23
  • خليل، سعادة.(2005).تنشئة الأطفال على التسامح واحترام الآخرين، مجلة ديوان العرب، متوفر على الرابط: diwanalarab.com استرجع بتاريخ 15/3/1437هـ.
  • خليل، نبيل سعد.(2013). التربية الدولية أصولها وتطبيقاتها. دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة.
  • السنيدي، إبراهيم.(2012).”الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع أمر مطلوب”، جريدة الجزيرة، ع14457، تاريخ النشر:28/4/2012
  • الشرعي، بلقيس غالب (2007). دور المشاركة المجتمعية في الإصلاح المدرسي “دراسة تحليلية”، مؤتمر الإصلاح المدرسي: تحديات وطموح. كلية التربية، جامعة الإمارات العربية المتحدة، دبي، في 17-19 إبريل 2007، ص. ص. 1-30.
  • عبيد، علي حسن.(2015). خلاص البشرية في الاحترام، جريدة الزمان. متوفر على الرابط: azzaman.com استرجع بتاريخ25/3/1437هـ
  • عبيدات، زهاء الدين أحمد (2015). دور المؤسسات التربوية في تعزيز منظومة القيم في المجتمع، مجلة رسالة المعلم، الاردن، العدد2 مجلد52
  • عزوزي، حسن.(2009).التنوع الثقافي في ظل العولمة. مجلة الوعي الإسلامي، الكويت، ع (524)، ص(72-73).
  • العصيمي، خالد محمد.(2005). المتغيرات العالمية المعاصرة وأثرها في تكوين المعلم، مؤتمر إعداد المعلم وتطويره في ضوء التغيرات المعاصرة. جامعة الملك سعود، الرياض، في 21-22 فبراير 2005، ص.ص. 365-396.
  • العصيمي، عبد المحسن أحمد.(1436هـ). التربية في عالم متغير، دار قرطبة للنشر، الرياض.
  • عوض، حسني.(2011). أثرمواقعالتواصلالاجتماعيفيتنمية المسؤوليةالمجتمعيةلدىالشباب، مؤتمر المسؤولية المجتمعية للجامعات الفلسطينية. نابلس، في 26 سبتمبر 2011، ص.ص. 1-39.
  • قاسم، جميل محمد (2008). فعالية برنامج إرشادي لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب المرحلة الثانوية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، الجامعة الإسلامية، كلية التربية، قسم علم النفس -الإرشاد النفسي، غزة.
  • محمد، أماني عثمان.(2013). دراسة تحليلية لمفهوم الاغتراب لدى عينة من طلاب التعليم الثانوي في جمهورية مصر العربية في ضوء المتغيرات العالمية المعاصرة. مجلة جامعة الملك عبد العزيز: العلوم التربوية، م 1(2)، ص 189-245.
  • محمد، رأفت عبدالرحمن (2008). درجة احترام التلميذ للمعلم والتواصل إلى مؤشرات كمية وكيفية تساعد على تطوير احترام التلميذ للمعلم من منظور نموذج الانضباط التعاوني، مجلة دراسات الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلون، العدد25، مصر.
  • مرتجى، عاهد محمود (2004). مدى ممارسة طلبة المرحلة الثانوية للقيم الأخلاقية من وجهة نظر معلميهم في محافظة غزة، سالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر، غزة.
  • منظمة الامم المتحدة (2017). معاً كفالة الاحترام والسلامة والكرامة للجميع، متوفر على الرابط https://together.un.org/ar/our-aim استرجع بتاريخ 20/12/2017
  • منظمة الإيسيسكو (2017). الإيسيسكو تدعو العالم الإسلامي إلى احتـرام التنوع الثقافي وتعزيز الحوار بين الثقافات. متوفر على الرابط http://www.islamicnews.org.sa/page/public/news_details.aspx?id=156753# استرجع بتاريخ 20/12/2017
  • منظمة اليونسكو.(2012). مرحلة جديدة من أجل احترام تعليم للجميع: من السياسة إلى الممارسة، متوفر على الرابط: unesco.org/new/en/education/a_new_stage_for_the_teaching_respect_for_all استرجع بتاريخ: 16/5/1437هـ
  • منظمة اليونسكو.(2015). تقديم اليونسكو: ما هي؟ ماذا تفعل؟:متوفر على الرابطunesco.org.new استرجع بتاريخ 17/5/1437هـ
  • الهندي، سهيل أحمد (2001). دور المعلم في تنمية بعض القيم الاجتماعية لدى طلبة الصف الثاني عشر بمحافظة غزة من وجهة نظرهم، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، الجامعة الإسلامية، غزة.

ثانياً: المراجع الأجنبية:

  • Arab British Academy for Higher Education. (2014). Human Resource Management Strategy. Retrieved from: http://www.abahe.co.uk/human-resources-courses/human-resources-a-02.pdf
  • Breuer، J & McDermott، J (2013). Respect، responsibility، and development Original Research Article، Journal of Development Economics، Volume 105، November 2013، 36-47
  • Chongruksa، P& Wadeng، P (2010).Storytelling:program for multicultural understanding and respect among Thai-Buddhist and Thai-Muslim students Original Research Article Procedia – Social and Behavioral Sciences، Volume 5، 2010، P 282-288.
  • Hammett، H& Staehli، L(2011). Respect and responsibility: Teaching citizenship in South African high schools Original Research Article، International Journal of Educational Development، Volume 31، Issue 3، May 2011، P 269-276 .
  • Solis، J، kttan، S &Lopez، P(2009). Socializing respect and knowledge in a racially integrated science classroom Original، Research Article Linguistics and Education، Volume 20، Issue 3، September 2009، P 273-290 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

proposed visualization to strengthen role of a secondary school in expanding a culture

of respect regarding contemporary changes

Abstract: This research aims to explore the role of a secondary school in expanding a culture of respect regarding contemporary changes. It also seeks to find a proposed visualization to strengthen this role. To achieve this goal، the researchers used the analytical descriptive approach which is appropriate for the current study. The approach requires a review of studies، researchers، reports and references، then، is to carefully analyze and study the previous literature that is related to the topic of research. The researchers concluded that educational institutions in particular schools play a significant role in raising awareness among young people regarding a culture of respect. This purpose could be achieved through a curriculum، teacher، school policy and pedagogy.

Many international organizations have aimed their workers in encouraging them for the conception of a culture of respect through the approval of many global programs and initiatives. Thus، those companies have launched some helped programs، for example، the ‘stay together’ campaign، which is aimed at promoting tolerance، respect and dignity across the world. The secondary schools can benefit from social media platforms by creating collaborative networks in a community to foster better understanding، shared respect and the importance of dialogue.

Curriculum plays a major role in promoting and instilling a spirit of respect through curriculum vocabulary. The researchers presented a number of recommendations، the most important of which are: Firstly، establishing and developing guidance programs that keep pace with the changes of the current era. This is to highlight the importance and value of respect between the communities emerging from the nature of student، society، knowledge، and values. Secondly، implementing the principle of community partnership through the partnership between the school and the family. This would be through continuous communication via the field visits or electronic platforms that can be connected between the school and the family of the student in order to enhance the value of teaching a culture of respect.

Keywords: Proposed Visualization – Secondary School – Culture of Respect – Contemporary Changes.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لتحميل البحث كامل المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث